الحمد لله.
يشرع لمن يشعر بالبخس فيما حصل عليه من درجات في الامتحان: أن يرفع تظلما ليعاد تصحيح مواده، أو بعضها.
وقولك: " عملت تظلم كان المفروض ليها درجات لكن لم ناخذها": فمثل هذا لا يعلم إلا من داخل لجنة التصحيح، أو إذا سمح للطالب أو ولي أمره أن يطلع على ورقة الإجابة، وأن يكون الخطأ في تبديل ورقته، أو في جمع الدرجات، أو في عدم وضع درجة سؤال أو فقرة.
وأما إذا كان الأمر يتعلق بتقييم الإجابة، فالمرجع في هذا إلى مصحح المادة.
وعليه فإذا سمح لك، أو لمحاميك، بالاطلاع على ورقة ابنتك، وتبين استحقاقها لدرجات لم تأخذها، أو وقفتم على تبديل الورقة، أو حصول خطأ في جمع الدرجات، أو عدم تقييد درجة سؤال أو فقرة، ولم ينفع التظلم، ووجدت من يأخذ مالا ليعطيها حقها، جاز دفع المال له، وحرم عليه هو الأخذ.
قال ابن الأثير رحمه الله: " الرِّشْوة والرُّشْوة: الوُصلة إلى الحاجة بالمُصانعة. وأصله من الرِشاء الذي يُتَوصَّل به إلى الماء. فالراشي مَن يُعطِي الذي يُعِينه على الباطل. والمُرْتَشِي الآخِذُ. والرائِش الذي يسْعى بينهما يَسْتزيد لهذا ويَسْتنقِص لهذا. فأمَّا ما يُعْطَى تَوصُّلا إلى أخْذِ حق أو دَفْع ظُلْم فغير داخل فيه. رُوِي أنّ ابن مسعود أُخِذ بأرض الحَبشة في شيء فأعْطَى دينارين حتى خُلّى سبيله. ورُوِي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يُصانِع الرجل عن نفسه ومالِه إذا خاف الظلم " (2/ 546).
وأما إذا كان نقص الدرجة يرجع إلى تقييم المصحح للإجابة- وليس لعدم تسجيل الدرجة أو لخطأ في جمع الدرجات- فلا يجوز أن تدفع مالا لزيادة الدرجة، فهذا تزوير وغش محرم، وهو أسوأ من الغش في الامتحان، والغش كبيرة من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رواه مسلم (102).
والذي يظهر أن الوقوف على استحقاق ابنتكم لدرجات لم تأخذها، بالقيود التي ذكرناها: أمر في غاية الصعوبة والندرة ؛ فعليكم أن ترضوا بقضاء الله تعالى، وأن تسألوه الخير والبركة، فإن العبد لا يدري أين الخير، ألا ترين أنه قد يأخذ الطالب العلامات الكاملة فتصيبه عين تدخله القبر، فيكون تفوقه سببا لهلاكه وغم أهله! فاحمدي الله على العافية والسلامة.
والله أعلم.