كان هناك منشور على الإنترنت تضع نقطة في التعليقات، ويأتي شخص ويحزر من صورتك الشخصية، مهنتك المستقبلية، واشتركت فيه، وهذا قبل شهر تقريبا. والآن سؤالي: هل هذا من الكهانة والعرافة، وقد فعلت ذلك بغرض التسلية فقط لا للتصديق؟ وهل لا تقبل صلاتي لأربعين يوما؟ أرشدوني إلى ما أفعل.
الحمد لله.
أولا:
ادعاء معرفة مهنة الإنسان المستقبلية من صورته نوع من الكهانة والعرافة، أو كذب وخداع ورجم بالغيب، وكلاهما محرم، لكن الأول منهما كفر؛ لأن الغيب المستقبل لا يعلمه إلا الله، كما قال تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ النمل/65.
وسؤال الكهان والعرافين محرم تحريما شديدا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً رواه مسلم (2230).
وقال: مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ: فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه أحمد (9779)، وأبو داود (3904)، والترمذي (135)، وابن ماجه (936)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
وهذا محمول على الكفر الأصغر عند كثير من أهل العلم، إلا إذا اعتقد أن الكاهن يعلم الغيب، أو صدقه في دعواه علم الغيب، وينظر سؤال رقم: (8291).
وسواء تم ذلك عن طريق اللعب والتسلية أو الجد، فهو محرم، والواجب على من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله، فيندم على ما فات، ويعزم على عدم العود.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "قوله: (فسأله؛ لم تقبل له صلاة أربعين يوما): ظاهر الحديث: أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يوما، ولكنه ليس على إطلاقه؛ فسؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يسأله سؤالا مجردا؛ فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتي عرافا …)؛ فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه؛ إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم.
القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله؛ فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن، حيث قال تعالى: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) (النمل: من الآية65).
القسم الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله؛ فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث. وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد؛ فقال: (ماذا خبأت لك؟ قال: الدخ.
فقال: اخسأ؛ فلن تعدو قدرك)؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره له؛ لأجل أن يختبره؛ فأخبره به.
القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور، وهذا قد يكون واجبا أو مطلوبا.
وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمر مطلوب، وقد يكون واجبا؛ فصار السؤال هنا ليس على إطلاقه، بل يفصل فيه هذا التفصيل على حسب ما دلت عليه الأدلة الشرعية الأخرى" انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد" (2/49).
ثانيا:
عدم قبول الصلاة معناه أنه لا يثاب عليها.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (14/ 227): " وأما عدم قبول صلاته، فمعناه: أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه، ولا يحتاج معها إلى إعادة.
ونظير هذا: الصلاة في الأرض المغصوبة؛ مجزئة مسقطة للقضاء، ولكن لا ثواب فيها. كذا قاله جمهور أصحابنا، قالوا: فصلاة الفرض وغيرها من الواجبات، إذا أتى بها على وجهها الكامل: ترتب عليها شيئان: سقوط الفرض عنه، وحصول الثواب. فإذا أداها في أرض مغصوبة، حصل الأول دون الثاني، ولابد من هذا التأويل في هذا الحديث، فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم من أتى العراف إعادة صلوات أربعين ليلة، فوجب تأويله. والله أعلم" انتهى.
ثالثا:
يجب الحذر من صور الكهانة المنتشرة تحت ما يسمى بالتحليل الشخصي عبر قراءة الوجه، أو نظر الخط والتوقيع، وما شابه ذلك.
وينظر في الموقع الأجوبة التالية :
كلمة حول ما يطلق عليه "علم قراءة الوجه".
اعرف شخصيتك من صفة يدك " هل يدخل في قراءة الكف المحرَّمة ؟
تحليل الشخصية عن طريق حروف كتابتك وتوقيعك من الكهانة والعرافة.
والله أعلم.