اشتركت في خدمة مدفوعة لدى شركة شحن دولية، والرسوم تكون إما مرة واحدة بمبلغ 45 دولار، أو بشكل سنوي بمبلغ 119 دولار، ومن مميزات الخدمة السنوية حساب سعر الشحن لكل 100 غرام فقط، فمثلا: لو اشتريت سلعة وزنها 0.6 كلغم فيتم حساب 0.5 كلغم زائد 100 غرام بدلا من 1 كيلو، أما في الخدمة المدفوعة لمرة واحدة فتكون لكل نصف كيلو 0.5، فإذا زاد الوزن مثلا 100 غرام يحتسب نصف كيلو آخر فيكون المجموع كيلو كامل مع أن المنتج وزنه مثلا 0.6 كلغم، وهذا يؤثر في زيادة سعر الشحن، وكذلك من مميزات الخدمة السنوية خصم 20% للأوزان فوق 3 كلغم. فهل الخدمة السنوية التي بـ 119 دولار مباحة؟ وما حكم الشحنات التي شحنتها بواسطة هذه الخدمة التي شحنتها بواسطة شركة الشحن الدولية أرامكس شوب أند شيب، وماذا أفعل بها؟ وهل تشبه مسألة بطاقات التخفيض المدفوعة؟ أم تشبه مسألة البوفيه المفتوح، خصوصا أن المبلغ مرة واحدة في السنة؟ أم تأخذ حكم الغرر اليسير المعفو عنه خصوصاً أن المبلغ ليس كبيراً؟
الحمد لله.
أولا:
لا يجوز الاشتراك في خدمة الشحن بنوعيها (45 أو 119) لاشتمالها على الميسر.
ووجه ذلك: أن هذا الاشتراك المدفوع ليس مقابل شيء إلا التخفيض المحتمل إذا تم الشحن، فهو مال مدفوع لا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك، والميسر: غُرم محقق، وغُنم محتمل.
وهي صورة من صور بطاقات التخفيض، وقد صدر عن المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة قرار بتحريم التعامل بهذه البطاقات، ومما جاء فيه:
"بعد الاستماع إلى الأبْحاثِ المقدَّمة في الموضوع والمناقشات المستفيضة قرَّر: عدم جواز إصدار بطاقات التخفيض المذكورة أو شرائها، إذا كانت مقابل ثمن مقطوع، أو اشتراك سنوي؛ لما فيها من الغرر؛ فإن مشتري البطاقة يدفع مالاً، ولا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك؛ فالغرم فيها متحقق، يقابله غنم مُحتمل." انتهى.
وكذلك صدرت عن اللجنة الدائمة للإفتاء فتوى بتحريم التعامل بهذا النوع من بطاقات التخفيض، وبه أفتى كل من الشيخين: ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى.
ينظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/ 6)، "فتاوى ابن باز" (19/ 58).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يوجد عند بعض المكتبات التجارية إعلان يشتمل على أن من يدفع في الشهر مبلغاً معيناً من النقود، فإنه يحصل على أمرين: الأمر الأول: يزود بالكتب الجديدة في مواد التخصص كالفقه ونحوه.
والأمر الثاني: يعطى بطاقة تخفيض (10%) إذا أتى يشتري.
فما حكم ذلك؟
فأجاب: هذا نوع من الميسر الذي قال الله تعالى فيه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].
والميسر: كل معاملة مبناها على المغالبة؛ إما غانم وإما غارم، هذه القاعدة الشرعية في الميسر، فهذا الرجل الذي يدفع كل شهر خمسمائة ريال -مثلاً-، قد يشتري كتباً تكون نسبة التنزيل فيها أكثر من ألف ريال، وقد لا يشتري شيئاً، فإذا فرضنا أنه يشتري كتباً نسبة التخفيض فيها أكثر من خمسمائة ريال، صار غانماً وصاحب الدكان غارماً؛ لأنه يخسر، وإن لم يشتر صار صاحب الدكان غانماً وهذا غارماً؛ لأنه دفع خمسمائة ريال ولم يأخذ مقابلاً لها، فهذه المعاملة من الميسر ولا تحل.
والحقيقة أن مثل هذه المعاملات فشت الآن كثيراً، فلو فرض -مثلاً- أننا تخلصنا من الربا الذي تقوم عليه كثير من البنوك اليوم، في كثير من معاملاتها؛ تورطنا في الميسر، الآن كثرت هذه المعاملات والمغالبات، فإذا قدمنا أن الربا خف كما هو الآن، اتجه بعض البنوك إلى فتح بعض الفروع إسلامية تتعامل حسب مقتضى الشريعة، تأتينا هذه البلايا في المعاملات، وهي بلايا الميسر، فالواجب علينا أن ننتهي عن هذا عن كل معاملة تكون فيها مغالبة، إما غانم وإما غارم" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (53/ 9).
وينظر للفائدة: جواب سؤال: (حكم دفع اشتراك سنوي للشراء من محلات الجملة بسعر مخفض).
ثانيا:
ما شحنته قبل علمك بالتحريم لا حرج عليك فيه، والواجب إيقاف الاشتراك في هذه الخدمة.
والله أعلم.