الحمد لله.
أولا:
تنازل الإنسان عن شيء قبل وجوبه أو استحقاقه: غير معتبر، لأنه وعد بالهبة، وذلك غير لازم عند الجمهور.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (4/250): "يتفق الفقهاء على عدم صحة الإسقاط قبل وجوب الحق، وقبل وجود سبب الوجوب، لأن الحق قبل ذلك غير موجود بالفعل، فلا يتصور ورود الإسقاط عليه، فإسقاط ما لم يجب، ولا جرى سبب وجوبه: لا يعتبر إسقاطا، وإنما مجرد وعد، لا يلزم منه الإسقاط مستقبلا، كإسقاط الشفعة قبل البيع، وإسقاط الحاضنة حقها في الحضانة قبل وجوبها، فكل هذا لا يعتبر إسقاطا، وإنما هو امتناع عن الحق في المستقبل، ويجوز الرجوع فيه والعود إلى المطالبة بالحق" انتهى.
ومن قواعد الفقه: "إِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ" ، ويعبر عنها بألفاظ أخرى، منها:
" الإسقاط قبل وجود سبب الوجوب يكون لغواً"، و"الحقُّ قبل ثبوته لا يحتمل الإسقاط "، و"لا إسقاط قبل الوجوب"، و"إذا أسقط حقَّه قبل أوانه كان باطلاً "، و "إسقاطُ الشيء إنما يصحُّ بعد لزومه"، و"الحقُّ لا يقبل الإسقاط قبل ثبوته".
وينظر: "معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية" (13/237).
وعلى القول بأن الوعد ملزم، فهذا في حق الواعد، فإن مات قبل أن ينفذ وعده، بطل الوعد.
ثانيا:
قد فهم من سؤالك، أنه بعد وفاة جدتك، طالب عمك بالمنحة، فإذا كانت المنحة تعطى بسبب عمل المتوفاة أو شخصها أو أمر يتصل بها، فهذه الأرض تكون تركة، لأن التركة ما تركه الميت وما جاء بعد وفاته بسبب منه كالدية.
وفي "الموسوعة الفقهية" (11/208): " وصرح الشافعية بأن من التركة أيضا ما دخل في ملكه بعد موته، بسببٍ كان منه في حياته، كصيد وقع في شبكة نصبها في حياته، فإن نصبه للشبكة للاصطياد هو سبب الملك" انتهى.
وينظر: "أسنى المطالب" (3/3)، "تحفة المحتاج" (6/382).
وإذا دخلت المنحة في تركة جدتك، فإن لوالدك نصيبا منها؛ لأنه كان حيا وقت وفاة جدتك. وليس لعمك حق في مطالبة أحد من روثتها، أو مطالبتكم أنتم ورثة والدكم، بالتنازل عن حقهم في ذلك.
أما إن كانت المنحة هبة من الدولة لأولاد المتوفاة، فيرجع إلى نظام المنحة، هل تعطى للأولاد الأحياء فقط، أم لجميعهم بما فيهم من مات قبل صدور المنحة؟
فيعمل بما في النظام حينئذ.
والله أعلم.