الحمد لله.
أولا:
من كان من أهل الشرقية وذهب إلى جدة لغرض، ثم بدا له أن يعتمر، فإنه يحرم من مكانه.
أما إن كان جازما بالعمرة حين سافر، فيلزمه الإحرام من الميقات.
فإن لم يفعل: فإن عاد إلى الميقات بعد قضاء غرضه، فأحرم منه: فلا دم عليه.
وإن أحرم من مكانه: فعليه دم، يذبح ويوزع في مكة وما حولها من الحرم، فإن عجز عنه صام عشرة أيام.
قال في "كشاف القناع" (2/404): " (ومن جاوزه) أي: الميقات، (يريد النسك)، بلا إحرام ...
(ولو) كان (جاهلا) بالميقات أو الحكم، (أو ناسيا لذلك، أو مكرها: لزمه أن يرجع) إلى الميقات، (فيحرم منه)؛ لأنه واجب أمكنه فعله، فلزمه، كسائر الواجبات.
(ما لم يخف فوات الحج، أو يخف) فوات (غيره)، كخوفه على نفسه أو أهله أو ماله.
(فإن رجع) إلى الميقات (فأحرم منه: فلا دم عليه)؛ لأنه أتى بالواجب عليه، كما لو لم يجاوزه ابتداء.
(وإن أحرم دونه) أي: الميقات (من موضعه، أو غيره، لعذر أو غيره، فعليه دم)؛ لحديث ابن عباس مرفوعا: من ترك نسكا فعليه دم؛ ولتركه الواجب" انتهى.
ثانيا:
من أحرم بالعمرة ولم يتمها، لمرض أو تعب، فله حالان:
1-أن يكون قد اشترط عند الإحرام فقال: "محلي حيث حبستني"؛ فإنه يتحلل، ولا شيء عليه .
2-أن يكون لم يشترط، فإنه يبقى على إحرامه، حتى لو عاد إلى بلده، ويلزمه اجتناب المحظورات حتى يعود فيتم عمرته.
وما ارتكبه من محظورات جاهلا، فلا شيء عليه.
ثالثا:
من لم يتم عمرته، ثم اعتمر ثانيا، فإن عمرته الثانيةَ تُتِمُّ الأولى، ولا يلزمه الإحرام من الميقات؛ لأنه لم يزل على إحرامه.
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : ولو أحرم بحجة, ثم أدخل عليها حجة أخرى، أو بعمرة, ثم أدخل عليها عمرة أخرى: فالثانية لغو . والله أعلم " انتهى من "المجموع" (7/132).
وعليه؛ فلا شيء عليك لو كنت أحرمت بعد تجاوز الميقات في العمرة الثانية؛ لأن الإحرام لغو، وأنت على إحرامك الأول.
رابعا:
قد أخطأت بنزع لباس الإحرام ولبس المخيط، وهذا محظور يلزم فيه الفدية، وهو ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين في مكة، أو صيام ثلاثة أيام، في أي مكان.
خامسا:
يلزم والدتك أن تجتنب المحظورات، وتذهب إلى مكة لتتم عمرتها.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة أحرمت بالعمرة، ثم فسخت العمرة، واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى، فهل هذا العمل صحيح ؟ وما حكم ما فعلته من محظورات الإحرام ؟
فأجاب : " هذا العمل غير صحيح ، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج: حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي ، قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ).
فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت ، وعمرتها صحيحة ، لأنها وإن فسخت العمرة، فإنها لا تنفسخ العمرة ، وهذا من خصائص الحج والعمرة؛ فلو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها: لم تبطل ، أو نوى إبطال الحج أثناء تلبسه بالحج: لم يبطل . ولهذا قال العلماء : إن النسك لا يرتفض برفضه .
وعلى هذا نقول: إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية، إلى أن أتمت العمرة ، وتكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه ، بل هي باقية عليه .
وخلاصة الجواب : بالنسبة للمرأة نقول : إن عمرتها صحيحة ، وإن عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية ، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه .
وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها ، والجماع في النسك هو أعظم المحظورات؛ فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، فلا شيء عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/351) باختصار .
والله أعلم.