يدرس في معهد شرعي يقرر أن ابن تيمية مخالف لمذهب السلف في باب الصفات، فما النصيحة؟

20-11-2021

السؤال 359769

أنا أدرس في معهد شرعي، ولكن مؤخراً اتضح لي أنهم ليسوا على منهج السلف، وقد أفردوا موقف ابن تيمية والسلفية في قسم مستقل عن موقف السلف في باب صفات الله تعالى الخبرية، وكأنّ ابن تيمية والسلفية هم جماعة أو حزباً، وليسوا وفق منهج سلفنا الصالح، وأنا لست مطمئن لهذا المعهد، لذلك أريد منكم أن تنصحوني هل استمر فيه أم أتركه؟ وإن أشرتم عليّ بتركه فليتكم تنصحوني بمركز للعلوم الشرعية عبر الإنترنت، بحيث يُخرّج طلاب علم وفق المنهج الصحيح، وكذلك يكون مستوعباً للعلوم الشرعية كلها، لأنه قد يصعب علي إيجاد هكذا مركز في مدينتي. فعلكم تنصحوني، وترشدوني.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

العقيدة الصحيحة تؤخذ من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة المرضيين، وهذا ما سار عليه ابن تيمية رحمه الله ومن تبعه، خلافا للمتكلمين الذين أصلوا أصولا تبعوا فيها أهل الفلسفة والمنطق، وابتعدوا فيها عن الوحي، ووقعوا فيما حذر منه السلف، وكثر اختلافهم واضطرابهم، ولا يزالون مختلفين في الكتاب مخالفين للكتاب، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

ومن نظر في كتب شيخ الإسلام بتجرد ، علم أن منهجه يقوم على دعوة الناس للرجوع للنبع الصافي والوحي المعصوم، وإحياء ما كان عليه الصحابة والصدر الأول.

ونحن نضع بين يديك شهادة رجل له خبرة بعلم الكلام، واطلاع على العقائد، وبصر بالتأليف.

سئل السيد رشيد رضا رحمه الله: "هل مؤلَّفات الشيخ أحمد بن تيمية الحراني الحنبلي، والشيخ محمد بن أبي بكر الحنبلي المعروف بابن قَيِّم الجوزية صحيحة معتمدة يجوز العمل بها، أم لا؟ أفتونا مأجورين.

فأجاب: إننا لم نطلع على جميع مؤلفات ابن تيمية، وابن القيم، ونشهد على ما اطلعنا عليه منها: أنها من أفضل ما كتب علماء الإسلام ، هدايةً وتحقيقًا ، وانطباقًا على الكتاب والسنة، بل لا نظير لها فيما نعرفه من كتب المسلمين في مجموع مزاياها؛ فإنها أُلفت بعد فشوّ البدع في الأمة، وتعدد العلوم، وكثرة التآليف في المعقول والمنقول، وكان أكثر علماء المعقول مقصرين في علم السنة، وآثار السلف الصالح، وأكثر الحفاظ وعلماء الرواية مقصرين في العلوم العقلية، فبعُدت الهوة بين الفريقين، وكثر الخلط والخبط في علوم الشرع، حتى جاء أول هذين الشيخين، فكان ممن جمع الله لهم بين سعة العلم والتحقيق في جميع العلوم النقلية والعقلية، من شرعية وروحية ولغوية وعقلية، مع جودة الحفظ وقوة الاستحضار، وملكة الاستنباط، ولا نعرف له نظيرًا في هذا الجمع، وقد خرَّج علماء كثيرين، كان الوارث الكامل له منهم ابن القيم، ولا سيما في العلوم الشرعية فكانت كتبهما كتب إصلاح، وجمع بين المعقول والمنقول، وأقوى رد على جميع ما خالف السنة وسيرة السلف الصالح، لا نعرف لها نظيرًا في ذلك، فلو اهتدى بها المسلمون علمًا وعملاً لأماتوا البدع، وأحيوا السنن، وحسنت حالهم في دينهم ودنياهم، ولدخل الناس في دين الله أفواجًا" انتهى من "مجلة المنار" (23/ 321).

وقال رحمه الله: " كنا عند الابتداء بالاشتغال بعلم الكلام ، نرى في الكتب خلاف الحنابلة ، فنحسب أنهم قوم جمدوا على ظواهر النقول ، ما فهموها حق فهمها، ولا عرفوا حقائق العلوم وطابقوا بين النقل وبينها، وأن كتب الأشاعرة هي وحدها منبع الدين وطريق اليقين.

ثم اطلعنا على كتب القوم؛ فإذا هي الكتب التي تجلِّي للمسلمين طريقة السلف المثلى، وتورد الناس موردهم الأحلى، وإذا بقارئها يشعر ببشاشة الإيمان، ويحس بسريان برد الإيقان؛ وإذا الفرق بينها وبين كتب الأشاعرة، كالفرق بين من يمشي على الصراط السوي، ومن يسبح في بحر لجي، تتدافعه أمواج الشكوك الفلسفية، وتتجاذبه تيارات المباحث النظرية" انتهى من "مجلة المنار" (8/ 614).

 وقال رحمه الله: "أما كتب شيخ الإسلام في الكلام فتمتاز على كتب جميع المتكلمين ببيان الفصل، وبيان مذاهب الفلاسفة والمتكلمين على اختلاف فرقهم وتحرير دلائلهم , أو شبههم عليها، وبيان مذهب السلف الصالح المأخوذ من نصوص الكتاب والسنة, وفهم علماء الصحابة والتابعين وتابعي التابعين لها - ومنهم فقهاء المذاهب الأربعة - .

ووالله إنه لا يغني عنها ، ولا عن شيء منها الوقوف على أشهر كتب الأشاعرة وأمثالهم: كشروح وحواشي الدوانية والتفتازانية والمواقف والمقاصد , فإن أكثر هذه الكتب فلسفة يونانية , ولا يمكن الوصول إلى معرفة عقيدة سلف الأمة الصالح منها" انتهى من "مجلة المنار" (15/ 555).

ثانيا:

لا حرج في الدراسة المعاهد الشرعية التي تقرر عقائد المتكلمين، إذا احتاج الطالب إليها ، ما دام الطالب منتبها لما يخالف عقيدة السلف، مع النصيحة بترك الجدال والخصومات.

ومن أراد السلامة ، ولم يكن بحاجة إلى شهادة هذا المعهد، فليبحث عن معهد أو جامعة مهتمة بتقرير عقيدة السلف، مع تدريس العلوم الأخرى، وهذا متوفر والحمد لله، ومن ذلك: أكاديمية زاد العلمية، ومنصة زادي، وغيرها من الأكاديميات والمنصات الشرعية القائمة على مذهب أهل السنة والجماعة.

والله أعلم.

العلم
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب