الحمد لله.
أولا:
إذا قامت شركة التمويل بشراء السيارة لنفسها، ثم أجرتها لك بعد تملكها السيارة، فلا حرج في ذلك؛ لأنها أجرت ما تملكه.
وأما إذا لم تشتر الشركة السيارة قبل تأجيرها عليك، فإما أن تكون قد أجرتك شيئا لا تملكه، فلا تصح الإجارة، أو أن يكون دورها مجرد تمويل لربوي، والمؤجر الحقيقي: هو مالك السيارة، واستوفي قمية إجارته من شركة التمويل، وهي تعود، فتستوفي منك ما دفعته للمالك، مع زيادة ربوية.
ثانيا:
الإيجار المنتهي بالتمليك له صور كثيرة منها الجائز ومنها المحرم.
ومن الصور الجائزة: أن يقترن بعقد الإجارة: وعدٌ بالبيع، ثم إذا انتهت الإجارة، أجرى الطرفان عقد البيع بما يتفقان عليه من الثمن، ولو كان ثمنا يسيرا.
أو أن يقترن عقد الإجارة بعقد هبةٍ للعين معلقا على سداد كامل الأجرة.
أو أن يقترن بوعدٍ بالهبة بعد سداد كامل الأجرة، فهذا جائز.
ومن الصور المحرمة، الاقتصار على عقد إجارة، ثم ينتقل المبيع للمستأجر بسداده أقساط الإجارة، دون إجراء عقد بيع أو هبة.
ثم إنه قد تكون صورة العقد جائزة ثم يقع الخلل من جهة: اشتراط الضمان على المستأجر، أو اشتراط الصيانة عليه، أو اشتراط التأمين عليه.
وينظر: جواب السؤال رقم:(139013) بعنوان: حكم التأجير المنتهي بالتمليك مع اشتراط الصيانة على المستأجر.
ثالثا:
اشتراط غرامة على التأخر في سداد أقساط الإجارة: اشتراط ربوي محرم.
ولا عبرة بالشرط الذي يضاف بعد العقد ومضي وقت خيار المجلس وخيار الشرط إن وجد، فالشرط المعتبر ما كان في صلب العقد أو قبله بيسير، أو بعده في زمن الخيارين.
قال الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (3/66): " [باب الشروط في البيع]:
أي: ما يشترطه أحد المتعاقدين على الآخر فيه، (و) في (شبهه) ؛ كنكاح وشركة وإجارة ...
والمراد هنا: (إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد)، متعلق بإلزام ، (ما)؛ أي: شيء (له) ؛ أي: المُلزِم (فيه: منفعة)؛ أي: غرض صحيح، وتأتي أمثلته.
(وتعتبر هنا)؛ أي: في البيع (مقارنةُ شرطٍ العقدَ)؛ أي: بأن يقع الشرط في صُلبه.
(وفي " الفروع ": ويتوجه : كنكاح) ؛ فيكفي اتفاقهما عليه قبله بيسير؛ لأن الأصل استصحاب الاتفاق إلى وقت العقد، لا سيما إن علما أنهما لا يرضيان بالعقد إلا بالشرط المتفق عليه.
(ويتجه) بـ(احتمال) قوي : (وكعقدٍ: زمنُ الخيارين) ؛ أي: خيار المجلس وخيار الشرط؛ فيصح الاشتراط فيهما؛ كما يصح في صلب العقد؛ لأن زمنهما بمنزلة حال العقد. ويأتي، وهو متجه." انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " مسألة: هل المعتبر من الشروط في البيع ما كان في صلب العقد، أو ما بعد العقد، أو ما قبل العقد؟
المذهب: أن المعتبر ما كان في صلب العقد، أو في زمن الخيارين: خيار المجلس، وخيار الشرط.
مثال: بعتك هذه السيارة، واشترطت أن أسافر عليها إلى مكة، فهذا محله في نفس العقد وهو صحيح.
مثال آخر: بعتك هذه السيارة، وبعد أن تم العقد بالإيجاب والقبول، قلت: أنا أشترط عليك أن أسافر بها إلى مكة. يصح؛ لأنه في زمن الخيار؛ لأنك لو قلت: لا، قلتُ: فسخت الآن؛ لأن بيدي الخيار ما دمنا لم نتفرق فلنا أن نزيد الشرط.
مثال آخر: بعتك هذه السيارة ولي الخيار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثاني جئت إليك، وقلت: أشترط أن أسافر بها إلى مكة يصح؛ لأنه في زمن الخيارين.
وأما ما كان قبل ذلك مما اتفق عليه قبل العقد، فالمذهب أنه غير معتبر.
مثاله: اتفقت أنا وأنت على أن أبيع عليك السيارة، واشترط: أن أسافر عليها إلى مكة، وعند العقد لم نذكر هذا الشرط إما نسياناً وإما اعتماداً على ما تقدم، فهل يعتبر هذا أو لا؟ الجواب: لا يعتبر على المذهب.
والصحيح: أنه يعتبر لما يلي: ـ
أولاً: لعموم الحديث: المسلمون على شروطهم، وأنا لم أدخل معك في العقد إلا على هذا الأساس.
ثانياً: أنهم جوزوا في النكاح تقدم الشرط على العقد، فيقال: أي فرق بين هذا وهذا؟! وإذا كان النكاح يجوز فيه تقدم الشرط على العقد، فالبيع مثله، ولا فرق.
إذاً الشروط في البيع معتبرة سواء قارنت العقد، أو كان بعده في زمن الخيارين، أو كانت متفقاً عليها من قبل" انتهى من "الشرح الممتع" (8/224).
وعلى فرض أن الشركة طبقت هذا الشرط عليك بغير حق، فلا شيء عليك، ولا تكون متعاملا بالربا؛ لأنك لم تقبل ذلك عند العقد، ولو طبقت عليك الغرامة الآن فهي مال مأخوذ بغير رضا، ولهذا فاحرص على السداد في موعد السداد، حتى لا تلزم بالغرامة.
والله أعلم.