ما القول الراجح في ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فضل الصلاة بالسواك (صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير سواك) والروايات المشابهة، حيث قال الإمام الحاكم صحيح على شرط مسلم، وصححه بعض أهل العلم، مثل: الإمام السيوطي، والزرقاني، وحسنه بعض أهل العلم وضعفه كثير؟
الحمد لله.
حديث مضاعفة الصلاة بالسواك سبعين ضعفا: رُوي بألفاظ متقاربة، ومن عدة طرق، وكلها معلولة ضعيفة لا تثبت.
والحديث قد ضعفه جماعة من أهل العلم.
فقد نقل ابن عبد البر في "التمهيد" (7/200) تضعيف ابن معين له، فقال: "وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُ: الصَّلَاةُ بِأَثَرِ السِّوَاكِ، أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ ، وَهُوَ بَاطِلٌ". اهـ
وضعفه ابن خزيمة كما في "صحيحه" (1/71)، والبيهقي كما في "السنن الكبرى" (1/38)، وابن الصلاح كما في "شرح مشكل الوسيط" (1/145)، والنووي كما في "المجموع" (1/268)، وابن القيم كما في "المنار المنيف" (ص19)، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/111)، والشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1503)
وبيان ضعف طرقه كما يلي:
الحديث روي عن عائشة – وهو أشهر طرقه – رضي الله عنها، وعن ابن عمر، وعن ابن عباس، وعن أنس، وعن جابر، رضي الله عنهم، وعن نافع مولى ابن عمر مرسلا، وعن حسان بن عطية من قوله ومرسلا.
أما حديث عائشة رضي الله عنها فقد روي عنها من طريقين، أحدهما عن عروة، والآخر عن عمرة.
أما طريق عروة فيرويه عنه الزهري، وأبو الأسود.
فأما الزهري فرواه عنه ابن إسحاق، ومعاوية بن يحيى الصدفي.
الطريق الأول (طريق ابن إسحاق):
أخرجه أحمد في "مسنده" (26340)، وابن خزيمة في "صحيحه" (137)، والحاكم في "المستدرك" (515)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/83)، من طريق محمد بن إسحاق، قال وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ، عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ، سَبْعِينَ ضِعْفًا .
وهذا الطريق معلول لا يصح، علته عنعنة ابن إسحاق، فإنه مدلس، ولم يصرح بالتحديث، بل قال:" وذكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ".
وقد ضعف الأئمة ابن خزيمة والبيهقي وابن الصلاح وابن القيم هذا الحديث بهذه العلة.
فقال ابن خزيمة في "صحيحه" (1/71):" أَنَا اسْتَثْنَيْتُ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَرِ، لِأَنِّي خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا دَلَّسَهُ عَنْهُ ".
وقال البيهقي في "السنن الكبرى" (1/38):" وَهَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ مَا يُخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَدْلِيسَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ ".
وقال النووي في "المجموع" (1/268):" وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ صَلَاةٌ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ بِغَيْرِ سِوَاكٍ: فَضَعِيفٌ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ وَضَعَّفَهَا كُلَّهَا، وَكَذَا ضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ بِالتَّسَاهُلِ فِي التَّصْحِيحِ، وَسَبَبُ ضَعْفِهِ: أَنَّ مَدَارَهُ عَلَى مُحَمَّدِ ابن إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَلَمْ يُذْكَرْ سَمَاعُهُ، وَالْمُدَلِّسُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ سَمَاعُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، بِلَا خِلَافٍ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ لِأَهْلِ هَذَا الْفَنِّ ".
وقال ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط" (1/145):" (صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك) "هذا يروى من حديث عائشة - رضي الله عنها - وهو غير قوي، ولذلك لم يخرج في كتب الحديث الأصول، وقد رويناه في كتاب "السنن الكبير" للبيهقي من حديث أحمد ابن حنبل وغيره، بأسانيد لا تقوى، وأخرجه الحاكم في "صحيحه،" وادَّعى أنه صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ولا يسلم له ذلك؛ فإن الاعتماد فيه على رواية محمَّد ابن إسحاق بن يسار وهو مدلَّس، ولم يذكر فيه سماعه، ويغني عنه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم:(لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) رواه مسلم ".
وقال ابن القيم في "المنار المنيف" (ص19):" تفضيل الصلاة بالسواك، على سبعين صلاة بغيره: فهذا الحديث قد روي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث لم يرد في الصحيحين، ولا في الكتب الستة، ولكن رواه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم في صحيحهما والبزار في مسنده، وقال البيهقي إسناده غير قوي. وذلك أن مداره على محمد بن إسحاق عن الزهري، ولم يصرح ابن إسحاق بسماعه منه، بل قال: ذكر الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تفضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفا "، هكذا رواه الإمام أحمد، وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال إن صح الخبر، قال [يعني: ابن خزيمة]: وإنما استثنيت صحة هذا الخبر، لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع الحديث من الزهري وإنما دلسه عنه. وقد قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: إذا قال ابن إسحاق: وذكر فلانٌ؛ فلم يسمعه.
وقد أخرجه الحاكم في صحيحه وقال هو صحيح على شرط مسلم، ولم يصنع الحاكم شيئا، فإن مسلما لم يرو في كتابه بهذا الإسناد حديثا واحدا، ولا احتج بابن اسحاق، وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد، وأما أن يكون ذكر ابن إسحاق عن الزهري من شرط مسلم؛ فلا. وهذا وأمثاله هو الذي شان كتابه، ووضعه، وجعل تصحيحه دون تحسين غيره، قال البيهقي: هذا الحديث أحد ما يُخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق، وأنه لم يسمعه من الزهري ".
ومن أهل العلم من يرى أن محمد بن إسحاق أخذه عن معاوية بن يحيى الصدفي، ثم دلسه لأن معاوية ضعيف الحديث، وهذا الطريق هو الطريق الثاني الآتي ذكره.
وقد نص على ذلك أبو زرعة الرازي كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (1/330):" قَالَ سَعِيدٌ: وَكُنْتُ حَكَيْتُ لَهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ اصْطَحَبَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ، مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الرِّيِّ؛ فَسَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي طَرِيقِهِ ".
الطريق الثاني (طريق معاوية بن يحيى الصدفي):
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4738)، وبحشل في "تاريخ واسط" (ص180)، وتمام في "الفوائد" (248)،والبيهقي في "شعب الإيمان" (2519)، من طريق مُعَاوِيَة بْن يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَفْضُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي يُسْتَاكُ لَهَا عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يُسْتَاكُ لَهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا .
وإسناده ضعيف، لأجل معاوية بن يحيى الصدفي، فإنه ضعيف، خاصة ما حدث به في الري، فإنها منكرة، وهذا منها فهو من رواية إسحاق بن سليمان الرازي عنه.
قال فيه ابن معين كما في "الضعفاء الكبير" للعقيلي (1785):" مِصْرِيُّ هَالِكٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ ". اهـ، وقال أبو زرعة كما في "الجرح والتعديل" (8/483):" ليس بقوى، أحاديثه كلها مقلوبة، ما حدث بالري، والذى حدث بالشام أحسن حالا ". اهـ، وقال النسائي كما في "الضعفاء والمتروكون" (561):" متروك الحديث "، وقال ابن عدي في "الكامل" (6/400):" وعامة رواياتها فيها نظر ".
وقال الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" (512):" يُكتب ما روى الهقل عنه، ويتجنب ما سواه، خاصة ما روى عنه إسحاق بن سليمان الرازي".
وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/3):" مُنكر الحَدِيث جدا، كَانَ يَشْتَرِي الْكتب وَيحدث بهَا، ثمَّ تغير حفظه، فَكَانَ يحدث بالوهم فِيمَا سمع من الزُّهْرِيّ وَغَيره، فجَاء رِوَايَة الراوين عَنهُ - إِسْحَاق بن سُلَيْمَان وَذَوِيهِ -: كَأَنَّهَا مَقْلُوبَة، وَفِي رِوَايَة الشاميين عِنْد الهقل بن زِيَاد وَغَيره أَشْيَاء مُسْتَقِيمَة تشبه حَدِيث الثِّقَات ".
الطريق الثالث (طريق أبي الأسود عن عروة عن عائشة):
وقد رُوي عنه من وجهين:
الأول: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (1229)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/38)، من طريق الْوَاقِدِىّ، قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَحْيَى الأَسْلَمِىُّ، عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-: الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ السِّوَاكِ: أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً قَبْلَ السِّوَاكِ .
وضعفه البيهقي، فقال:" الْوَاقِدِىُّ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ "، والواقدي متروك ومتهم.
الثاني: أخرجه الخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق" (576)، من طريق سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: صلاة على أثر سواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك .
وهذا الطريق ضعيف لأجل ابن لهيعة، وقد ضعفه ابن الملقن في "البدر المنير" (2/17).
الطريق الرابع:
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (1/38) من طريق حَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ، قال حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: صَلاَةٌ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلاَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ .
وضعفه البيهقي بعد روايته له فقال:" وَهَذَا إِسْنَادٍ غَيْرُ قَوِىٍّ ".
وعلته " حماد بن قيراط "، فإنه ضعيف، حيث قال فيه أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به ". اهـ من "الجرح والتعديل" (3/145)، وقال ابن عدي في "الكامل" (3/31):" عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ فِيهِ نَظَرٌ ". اهـ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (246):" يقلب الْأَخْبَار عَلَى الثِّقَات، وَيَجِيء عَن الْأَثْبَات بالطامات؛ لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ، وَلَا الرِّوَايَة عَنْهُ إِلَّا عَلَى سَبِيل الِاعْتِبَار ".
والحديث من هذا الطريق: ضعفه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/111).
الطريق الخامس: أخرجه أبو نعيم كما عزاه إليه ابن دقيق العيد في "الإمام" (1/366)، وابن الملقن في "البدر المنير" (2/17)، من طريق سهل بن الْمَرْزُبَان، عَن مُحَمَّد التَّمِيمِي الْفَارِسِي، قال ثَنَا عبد الله بن الزبير الْحميدِي، ثنا سفيان، عن منصور، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به.
وهذا الإسناد يظهر أنه مركب، وفيه سهل بن المرزبان، مجهول، لم يترجم له أحد.
وقد قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/111):" وَلَكِنَّ إسْنَادَهُ إلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ نَظَرٌ ".
وأما حديث ابن عمر:
فقد أخرجه أبو نعيم، ولعله في كتاب "فضل السواك" وهو مفقود، وقد عزاه إليه بإسناده ابن دقيق العيد في "الإمام" (1/366)، وابن الملقن في "البدر المنير" (2/19)، من طريق عمر بن الدرفس، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -:(صَلاَةٌ بِسِوَاكٍ أفضلُ مِنْ خَمْسٍ وسَبْعِين صَلاَة بِغَيرِ سِوَاكِ).
والحديث بهذا الإسناد موضوع، فيه سعيد بن سنان.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" (1/19):" وَفِيه سعيد بن سِنَان أَبُو مهْدي الْحِمصِي، وَهُوَ ضَعِيف كَمَا قَالَ أَحْمد، وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء، لَيْسَ بِثِقَة أَحَادِيثه بَوَاطِيلُ. وَقَالَ البُخَارِيّ والرازي: مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَانَ يتهم بِوَضْع الحَدِيث ".
وأما حديث ابن عباس:
فقد أخرجه أبو نعيم، ولعله في كتاب "فضل السواك" وهو مفقود، وقد عزاه إليه بسنده ابن دقيق العيد في "الإمام" (1/367)، من طريق مُحَمَّد بن حبَان، عَن أبي بكر بن أبي عَاصِم، عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، عَن يزِيد بن عبد الله، قال ثَنَا عبد الله بن أبي الْحَوْرَاء، أنَّه سمع سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لِأَن أُصَلِّي رَكْعَتَين بِسِوَاكٍ أَحَبُّ إَلَيَّ مِنْ أنْ أُصَلِّي سَبْعِين رَكْعَة بِغَيرِ سِوَاكٍ .
وإسناده ضعيف، فيه " محمد بن حبان بن الأزهر ".
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/508):" قال ابن مندة: ليس بذاك، وقال أبو عبد الله الصوري: ضعيف. "، وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد:" يحدث بمناكير ". من "تاريخ بغداد" (3/117). وقال ابن عدي في "الكامل" (1/109):" في حديثه نكرة ".
وأما حديث جابر:
فقد أخرجه أبو نعيم، ولعله في كتاب "فضل السواك"، وقد عزاه إليه بسنده ابن دقيق العيد في "الإمام" (1/367)، من طريق أَحْمد بن بنْدَار، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا، عَن جَعْفَر بن أَحْمد، عَن أَحْمد بن صَالح، عَن طَارق بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر به.
وهذا الطريق إسناده تالف، فيه " أحمد بن صالح الشموني المكي "، فإنه يروي عنه جعفر بن أحمد بن أبي الشروب كما في "تاريخ أصبهان" (519).
وأحمد بن صالح الشمومي هذا ترجم له ابن حبان في "المجروحين" (1/149)، فقال:" كان ممن يأتي عن الأثبات المعضلات، وعن المجروحين الطامات، يجب مجانبة ما روى من الأخبار، وترك ما حدث من الآثار، لتنكبه الطريق المستقيم في الرواية، وركوبه أضل السبيل في التحديث ".
وذكره في "الثقات" (8/26) ليميز بينه وبين أحمد بن صالح المصري، فقال:" كَانَ بِمَكَّة يضع الحَدِيث ".
وأما حديث أنس:
فقد أخرجه الديلمي، كما عزاه إليه السيوطي في "الزيادات على الموضوعات" (467)، من طريق موسى بن هلال الطويل، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة بسواك تعدل أربعمائة صلاة بغير سواك، وكأنما أعتق رقبة مِن ولد إسماعيل، ويَخرج مِن ذنوبه كما تخرج الشعرة من العجين، وإنْ خرج الدجّال لم يكن له عليه سبيل .
وفيه " موسى بن هلال الطويل":
قال ابن حبان في "المجروحين" (2/243):" روى عن أنس أشياء موضوعة، كان يضعها، أو وضعت له فحدث بها، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ".
وأما طريق نافع مولى عبد الله بن عمر مرسلا:
فقد أخرجه بحشل في "تاريخ واسط" (ص234)، من طريق الحسن بن راشد بن عبد ربه، قال ثنا أَبِي رَاشِدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: ثنا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلاةٌ بِسِوَاكٍ أفضل من سبعين صلاة بغير سواك .
وإسناده ضعيف: فيه مجهولان، وهما: الحسن بن راشد بن عبد ربه، وأبوه، فإنه لم يترجم لهما أحد.
ثم هو مرسل، فإنه من رواية نافع مولى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما طريق حسان بن عطية:
فهذا الطريق مداره على الأوزاعي، واختلف عليه، فرواه مسلمة بن علي الخشني عن الأوزاعي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ .
نقله عنه ابن حبان في "المجروحين" (3/33).
ورواه محمد بن يوسف الفريابي، عن الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ فِيهِمَا أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ، وَالسِّوَاكُ شَطْرُ الْوُضُوءِ، وَالْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ .
أخرجه من طريقه ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" (510).
ورواه وكيع، كما في "المصنف لابن أبي شيبة" (1814)، ويحيى بن عبد الله بن الضحاك، كما في "حلية الأولياء" لأبي نعيم (6/75)، وابن المبارك كما في "الزهد" (1226)، ثلاثتهم عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية من قوله.
والوجه الأول تالف، فيه مسلمة بن علي الخشني، متروك.
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/109): " قال أبو حاتم: لا يشتغل به، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة ". اهـ
والوجه الثاني تالف كذلك، فإنه من رواية عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، عن الفريابي به. وعبد الله بن محمد بن أبي مريم متروك، ترجم له ابن عدي في "الكامل" (5/419)، فقال:" يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل ". اهـ
فمما سبق يتبين أن جميع طرق هذا الحديث معلولة ضعيفة منكرة، لا تثبت.
وللفائدة يراجع جواب السؤال رقم (128161) .
والله أعلم