الحمد لله.
تشرع صلاة الاستخارة فيما يقدم عليه الإنسان من أمر، فإن تيسر الأمر مضى فيه، وكان هذا دليلا على أنه الخير له، وإن لم يتيسر له، أو انصرفت همته عنه، تركه، وكان هذا دليلا على أنه ليس بخير له.
قال في كشاف القناع (1/ 443): "(و) تسن (صلاة الاستخارة إذا هم بأمر)، أطلقه الإمام والأصحاب، (وظاهره: ولو في حج أو غيره من العبادات وغيرها، والمراد: في ذلك الوقت) ؛ فيكون قول أحمد: كل شيء من الخير يبادر به؛ بعد فعل ما ينبغي فعله. قاله في الفروع (إن كان) الحج ونحوه (نفلا) ؛ فتكون الاستخارة في العبادات والمندوبات والمباحات، لا الواجبات والمكروهات .
(فيركع ركعتين من غير الفريضة، ثم يقول اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه بعينه- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو في عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدُر لي الخير حيث كان ثم رضني به) لحديث جابر رواه البخاري والترمذي ولفظه "ثم أرضني به" (ويقول فيه: مع العافية) .
(ولا يكون وقت الاستخارة عازما على الأمر) الذي يستخير فيه ، (أو) على (عدمه؛ فإنه خيانة في التوكل، ثم يستشير؛ فإذا ظهرت المصلحة في شيء فعله) فينجح مطلوبه" انتهى.
وعلى ذلك؛ فإذا لم تجد الأمر مناسبا، وصُرفت نفسك عنه، فهذا يعني أنه ليس بخير لك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " حينئذ إذا قدر الله له شيئا بعد هذه الاستخارة فهو خير له، يمضي ويتوكل على الله، وإن صرف الله همته عنه، فهذا يعني بأنه ليس بخير له" انتهى من شرح رياض الصالحين (6/ 410).
والحاصل:
أنك لم تخالف الاستخارة، بل انصراف همتك عن الأمر دليل على أنه ليس بخير لك.
والله أعلم.