مشكلتي مع أبي: أنه لا يريدني أن أعمل، وإلا سوف يغضب علي، انا انتهيت من دراستي هذه السنة، ولذلك أود أن أعمل بالتجارة عن طريق أن اشتري حلوى، وأبيعها للناس في الشارع، عندما اشتريت الحلوى، وقلت لأبي عن خطتي، رفض، حاولت أن أقنعه لمدة طويلة، ورفض، وقال لي: لا أفتح الموضوع معه وإلا سوف يغضب علي، هو لا يريدني أن أعمل؛ لأنه يظن أن الأشخاص الذين سوف يشترون الحلوى مني سيشترونها شفقة علي؛ لأني عمري ١٤ عاما، مع العلم إني بالغ مثلي مثل الشخص الذي عمره ٥٠ في الإسلام. فاسألتي هي: ما علي أن افعل لكي أعمل بدون أن أخالف أوامر أبي؟ وهل أكمل في إقناعه حتى لو غضب علي؟ وإن لم يقتنع، فماذا أفعل؟
الحمد لله.
أولا:
إذا منع الأب ابنه من العمل لما ذكرت، من كراهة الشفقة عليه ونحو ذلك، مع كفايته بالنفقة، وجب على الابن طاعته؛ إذ تجب الطاعة في كل مباح فيه منفعة للأب، ولا مضرة فيه على الابن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ [أي على الابن] " انتهى من "الفتاوى الكبرى"(5/381).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ضابط العقوق: " والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده، من قول أو فعل، إلا في شرك أو معصية؛ ما لم يتعنت الوالد" انتهى من "فتح الباري" (10/ 406).
وقد يكون منع والدك لك لسبب آخر لم يبده لك.
ثانيا:
إذا كنت مصرا على العمل، فلا تناقش أباك فيه، لكن وسّط من يكلمه ممن يودّه ويكرمه.
ثم إننا لا ننصحك بالعمل ما دمت مكفيا، لا سيما مع صغر سنك، فلو استفدت من وقتك في حفظ القرآن، وتعلم العلم الشرعي، والالتحاق بالبرامج النافعة مثل أكاديمة زاد، أو أكاديمية التفسير، ونحوها، لكن خيرا لك.
وبإمكانك أن تؤهل نفسك لعمل نافع مستقبلي، بالتدرب على برامج الحاسوب، وإتقان شيء نافع مفيد لك منها، أو تعلم البرمجة والتصميم، ونحو ذلك من المهارات النافعة في المستقبل.
واعلم أن نعمة الفراغ هذه لا يعرف قدرها إلا من فقدها، وكثير من الناس يفرط في هذه النعمة.
قال صلى الله عليه وسلم: نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ رواه البخاري (6412).
نسأل الله أن يوفقك ويعينك وييسر لك الخير.
والله أعلم.