حكم الذهاب إلى المعالج أو الطبيب النفسي

27-01-2022

السؤال 380763

سأختصر مشكلتي، أعاني من مشاكل بسبب أب متسلط، عشنا معه حياة كان متسلطاً علينا بشدة، ومن الوسواس، ومن الرهاب الاجتماعي، ومن انفعالي، ومن مشاكل نفسية كثيرة، وقررت أن أذهب لمعالج نفسي، وهذا المعالج قد درس علم النفس، ولكني تفاجأت بفتوى قرأتها لكم رقمها(99983) لا تجيزون دراسة علم النفس، فماذا أفعل؟ هل أتوقف عن الذهاب للمعالج النفسي؛ لأنه درس علم النفس؟ وكيف أعالج نفسي إذاً؟

ملخص الجواب:

لا حرج عليك، ولا إشكال في استمرارك في المعالجة عند الطبيب النفسي، إذا كان ثقة مأمونا، في علمه، ودينه، ماهرا بفنه. وينظر لللأهمية الجواب المطول

الجواب

الحمد لله.

أولا:

نسأل الله الكريم أن يزيل همك وغمك، ويفرج عنك.

ثانيا:

في الجواب الذي أشرت إلى رقمه، لم يرد فيه إنكار وجود فائدة من دراسة الطب والعلاج النفسي، وإنما نهي عن دراسته إذا كان الدارس قليل العلم بالشرع، وكانت الجامعة ممن تخلط الحق بالباطل كما هو الحال في جامعات بلاد الغرب، فالنهي عن دراسة هذا التخصص بهذا الوصف سدا لذريعة الفتنة والوقوع في الضلال وربما الكفر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والأصل أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/419).

وقال رحمه الله تعالى :

" وهذا أصل مستمر في أصول الشريعة كما قد بسطناه في قاعدة سد الذرائع وغيرها ، وبيّنا أن كل فعل أفضى إلى المحرم كثيرا كان سببا للشر والفساد، فإذا لم يكن فيه مصلحة راجحة شرعية، وكانت مفسدته راجحة، نهي عنه، بل كل سبب يفضي إلى الفساد نهي عنه إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة، فكيف بما كثر إفضاؤه إلى الفساد " انتهى من"الفتاوى الكبرى" (4/465).

ومن درس هذا التخصص واجتنب مفاسده، بحيث يتقيد بأحكام الشرع في علاجه للمرضى، فلا يصف دواء محرما كالأدوية المخدرة، ولا ينصح بسلوك محرم، ففي هذه الحال تنتفي أسباب النهي، ويصبح ما عند هذا المعالج مصلحة غالبة.

والشرع لا ينهى عما فيه مصلحة العلاج والدواء ولا تتولد منه مفسدة؛ لأن الشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" فإن الشريعة مَبْنَاها وأساسَهَا على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد " انتهى من" أعلام الموقعين" (4/337).

فإذا كان هذا الطبيب الذي ستراجعه ثقة في دينه وتخصصه، ولا يصف من الأدوية والعلاجات إلا أمرا مباحا، فلا بأس من مراجعته والاستفادة منه.

سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

" كان لنا أخ كبير ملتزم بأمور دينه من: صلاة، وصيام، وأداء عمرة، وتلاوة قرآن، والمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، وحضور حلقات الذكر، وفجأة انقلبت حاله وأصبح لا يصلي ولا يقرأ القرآن ولا يحضر حلقات الذكر، وأصبح يجلس وحيدا في غرفته حتى إنه لا يذهب إلى عمله. أفيدوني ماذا علي أن أعمل تجاه أخي الأكبر جزاكم الله خيرا؟

فأجاب: المشروع أن يعالج بالطب النبوي وبالعلاج الذي يعرفه خواص الأطباء مما لا يخالف الشرع المطهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً )، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أَصَبْتَ دَوَاءَ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى ) أخرجه مسلم في صحيحه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ )، ومن الدواء الشرعي القراءة عليه من أهل العلم والإيمان لعل الله ينفعه بذلك.

ومن الأسباب النافعة لهذا وأمثاله: عرضه على الأطباء المختصين، من أهل الإيمان والتقوى، لعلهم يعرفون سبب مرضه وعلاجه، شفاه الله مما أصابه، وأعانكم على علاجه بما ينفعه ويكشف الله به مرضه إنه جواد كريم " انتهى من"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9 /410).

والحاصل:

أنه لا حرج عليك، ولا إشكال في استمرارك في المعالجة عند الطبيب النفسي، إذا كان ثقة مأمونا، في علمه، ودينه، ماهرا بفنه.

والله أعلم.

الطب والتداوي
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب