الحمد لله.
أولا:
يحرم التعامل بالطريقة المذكورة لأمرين:
الأول: أنها من القمار والميسر، وذلك أن الدافع إذا لم يربح أعطي كوبونا للشراء من المتجر، وقد لا يكون له حاجة للشراء منه أصلا، أو تكون أسعاره أزيد من غيره، ومجرد حجز مال الإنسان إلى أن يشتري: غُرم. والميسر هو غرم محقق وغُنم محتمل.
الثاني: أن دفع الإنسان المال قبل أن ترسو عليه القرعة، يعتبر سلفا؛ لأنه مال مضمون على المتجر وينتفع به، ويحرم الجمع بين السلف والبيع؛ لما روى الترمذي (1234)، وأبو داود (3504)، والنسائي(4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) وصححه الترمذي، والألباني.
قال الخطابي رحمه الله: " وذلك مثل أن يقول له: أبيعك هذا العبد بخمسين دينارا على أن تسلفني ألف درهم في متاع أبيعه منك إلى أجل، أو يقول: أبيعكه بكذا على أن تقرضني ألف درهم، ويكون معنى السلف القرض، وذلك فاسد؛ لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن، فيدخل الثمن في حد الجهالة، ولأن كل قرض جَرَّ منفعة فهو ربا" انتهى من "معالم السنن" (3/ 141).
ثانيا:
من أخذ منتجا بهذه الطريقة المحرمة، وهو عالم بالتحريم، فالواجب أن يتصدق ببقية الثمن، ولا يرده على المتجر.
فلو كان الجهاز بألف وأخذه بعشرين دولارا، تصدق ب980 دولارا؛ لأنه اكتسب هذا الفرق بالمقامرة، فيتخلص منه ولا يرده إلى المتجر، لأن المتجر انتفع بالحرام من وجه آخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَمَنْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ عَيْنٍ مُحَرَّمَةٍ ، أَوْ نَفْعٍ اسْتَوْفَاهُ ، مِثْلَ: أُجْرَةِ حَمَّالِ الْخَمْرِ ، وَأُجْرَةِ صَانِعِ الصَّلِيبِ ، وَأُجْرَةِ الْبَغِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ : فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا ، وَلْيَتُبْ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْمُحَرَّمِ ، وَتَكُونُ صَدَقَتُهُ بِالْعِوَضِ كَفَّارَةً لِمَا فَعَلَهُ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْعِوَضَ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ خَبِيثٌ ، وَلَا يُعَادُ إلَى صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى الْعِوَضَ ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَنْ نَصَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي مِثْلِ حَامِلِ الْخَمْرِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ" انتهى من "مجموع الفتاوى"(22/142) .
وجاء في "الاختيار لتعليل المختار" (3/61): " الملك الخبيث : سبيله التصدق به" انتهى.
فإن كان جاهلا بالتحريم فلا يلزمه التصدق بشيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو: ما قبضه بتأويل أو جهل، فهنا له ما سلف، بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار" انتهى من "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/592).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام: فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19).
والله أعلم.