ما حكم حرز الإمام علي بن أبي طالب، وهل يجوز قوله ؟ وهو منسوب عنه عند الشيعة، وهو كالتالي: " اللهم بتألق نور بهاء عرشك من أعدائي استترت، وبسطوة الجبروت من كمال عزك ممن يكيدني احتجبت، وبسلطانك العظيم من شر كل سلطان وشيطان استعذت، ومن فرائض نعمتك وجزيل عطيتك يا مولاي طلبت، كيف أخاف وأنت أملي، وكيف أضام وعليك متكلي، أسلمت إليك نفسي وفوضت إليك أمري وتوكلت في كل أحوالي عليك، صل على محمد وآل محمد، واشفني واكفني وأغلب لي من غلبني، يا غالبا غير مغلوب، زجرت كل راصد رصد، ومارد مرد وحاسد حسد وعاند عند، ببسم الله الرحمن الرحيم: (قل هو الله أحد الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد)، كذلك الله ربنا حسبنا الله ونعم الوكيل، إنه أقوى معين".
الحمد لله.
هذه الصيغة لا يعرف لها سند يثبت نسبتها إلى علي رضي الله عنه، كما أن صيغتها لا تشبه أدعية السلف من صحابة وتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، بل هي صيغة يتناقلها الرافضة الذين من شأنهم الكذب والبهتان.
فلا شك أن هذه الصيغة مختلقة ومنسوبة إلى علي رضي الله عنه كذبا وزورا.
ولم يظهر لنا في خصوص الألفاظ المذكورة ما ينكر، ولا يظهر في أن يتفق الدعاء بها، أو بشيء منها : حرج ، ولا معنى مذموم.
غير أن الذي يشرع للمسلم ، فيما يلتزمه من أدعية وأوراد : أن يأخذ بما صح وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما دعا به أصحابه والسلف الصالح الذين لهم لسان صدق في الأمة.
قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب/21.
وعليه أن يجتنب مثل هذه الصيغ المبتكرة حماية لنفسه من الوقوع في البدع أو الضلال من حيث لا يشعر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف، والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما، وقد يكون مكروها، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها.
وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ... " انتهى من"مجموع الفتاوى" (22/ 510–511).
وقال القرطبي رحمه الله تعالى:
" والاعتداء في الدعاء على وجوه: ...
ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقرة، وكلمات مسجعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسوله عليه السلام، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء، كما تقدم في سورة البقرة بيانه " انتهى من"تفسير القرطبي" (9/248).
ثم يقوى جانب المنع من مثل هذه الأوراد والأذكار المرتبة : إذا كانت شعارا لأهل البدع والضلالات والخرافات، مثل الرافضة وأشباههم، أو كانت لا تعرف إلا من قبل أهل البدع، ومن أخذ عنهم.
والله أعلم.