الحمد لله.
ابن القيم رحمه الله تعالى المتوفى سنة (751هـ):
"هو الإمام الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، إمام الجوزية، وابن قيمها...
ولد في سنة إحدى وتسعين وستمائة، وسمع الحديث، واشتغل بالعلم، فبرع في علوم متعددة، لا سيما علم التفسير، والحديث والأصلين، ولما عاد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الديار المصرية في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، لازمه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علما جما مع ما سلف له من الاشتغال، فصار فريدا في بابه في فنون كثيرة، مع كثرة الطلب ليلا ونهارا، وكثرة الصلاة والابتهال، وكان حسن القراءة والخلق، كثير التودد، لا يحسد أحدا، ولا يؤذيه، ولا يستعيبه، ولا يحقد على أحد، وكنت من أصحب الناس له، وأحب الناس إليه، ولا أعرف من أهل العلم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا، ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع، ولا ينزع عن ذلك، رحمه الله.
وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير، وكتب بخطه الحسن شيئا كثيرا، واقتنى من الكتب ما لا يتهيأ لغيره تحصيل عشره، من كتب السلف والخلف.
وبالجملة كان قليل النظير، بل عديم النظير في مجموعه، وأموره، وأحواله، والغالب عليه الخير والأخلاق الصالحة، سامحه الله ورحمه...
وقد كانت جنازته حافلة رحمه الله، شهدها القضاة، والأعيان، والصالحون من الخاصة والعامة، وتزاحم الناس على حمل نعشه، وكمل له من العمر ستون سنة، رحمه الله" انتهى من "البداية والنهاية" (18/524) لتلميذه الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى.
ومكانة ابن القيم ومنزلته العلمية وسلامة دينه وعقيدته أشهر من أن ينبه لها.
فكتب ابن القيم من الكتب النافعة الآمنة التي ينتفع منها كل مطالع، مهما كان مستواه العلمي.
وخاصة كتابه "زاد المعاد" والذي خصصه للكلام عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في جميع شؤون الحياة، فهو جامع بين السيرة والفقه، ويوصي به أهل العلم كثيرا، وهو سهل الأسلوب.
وأما كتابه الآخر: "الداء والدواء": فهو في ذكر بعض أمراض القلوب التي مصدرها الشهوات، وكيف المخرج والعلاج منها بالطريقة الشرعية الصحيحة، فهو من أنفع الكتب في تربية النفس وفطمها عن الشهوات والذنوب خاصة في هذا العصر عصر الشهوات، وأسلوبه أيضا سهل.
فالحاصل؛ أنه لا يشترط لمطالعة هاذين الكتابين أي مستوى علمي، فهو مناسب لكل قارئ، ولا شك أنه إذا وجد القارئ تعليقات مسموعة لأهل العلم المعتبرين في هذا العصر، فتابعها واستمع إليها فهو أنفع وأفضل.
والله أعلم.