استغفر الله، ولكن هذا ما حدث مني أنني سببت أم سيدنا النبي، يعني سببت سيدنا النبي بأمه؛ بسبب تحريم الدين لذنب معين؛ وهو: ذنب القمار، لكنني ندمت، واستغفرت، وقلت الشهادتين، ولكن مازلت ألعب القمار، فأنا لدي سؤال، فهل إذا ما زلت ألعب القمار في هذه الحالة يعتبر القمار كفرا؛ لأني سببت أم النبي صلى الله عليه وسلم بسببه، أم يعتبر ذنبًا من الكبائر، وليس كفرا؟
الحمد لله.
أولا:
سب النبي صلى الله عليه وسلم بأمه: كفر ظاهر، وردة بالغة عن دين الإسلام، نسأل الله العافية.
والواجب على من وقع في ذلك أن يبادر إلى التوبة، والإتيان بالشهادتين، وقد ذكرت أنك فعلت ذلك، ونرجو أن يتقبل الله توبتك.
ونوصيك بحفظ لسانك، وتجنب السب عموما حتى لا تعتادي عليه، فتقعي فيما وقعت فيه من هذا الأمر العظيم.
وإن فلتات اللسان قد تورد العبد النار، وتلحق به العذاب الشديد ولو لم تكن كفرا، فقد روى البخاري (6478)، ومسلم (2988) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ).
وعند الترمذي (2319): (إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
فكيف إذا كان الكلام كفرا؟ نسأل الله السلامة والعافية.
ثانيا:
القمار محرم وهو من كبائر الذنوب.
قال الذهبي رحمه الله: "الْكَبِيرَة الْعشْرُونَ الْقمَار. قَالَ الله تَعَالَى : يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون * إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ.
وَالْميسر هُوَ الْقمَار، بِأَيّ نوع كَانَ ، نرد أَو شطرنج أَو فصوص أَو كعاب أَو جوز أَو بيض أَو حَصى أَو غَيره، وَهُوَ من أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ الَّذِي نهى الله عَنهُ بقوله: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ) ، وداخل فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن رجَالًا يتخوضون فِي مَال الله بِغَيْر حق فَلهم النَّار يَوْم الْقِيَامَة) .
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من قَالَ لصَاحبه تَعَالَى أقامرك فليتصدق) ؛ فَإِذا كَانَ مُجَرّد القَوْل يُوجب الْكَفَّارَة أَو الصَّدَقَة ؛ فَمَا ظَنك بِالْفِعْلِ" انتهى من "الكبائر" ص 88
فالواجب عليك البعد عن ذلك، فإن الكبيرة لا يستهان بها، ثم إنه حري بك أن تكرهي هذا الذنب الذي أوقعك في الكفر، وأن يكون ذلك من تمام توبتك، وندمك على ما كان منك؛ لا أن ترجعي إليه مع علمك بتحريمه.
فإن ابتليت ورجعت للقمار، لم تكفري بذلك؛ لأنه ليس كفرا في نفسه ، حتى لو كان قد جرّك للكفر، إلا أن تستحلي القمار ، فإن استحلاله كفر.
وإن عجبا أن يقع ذلك كله من فتاة في مثل سنك !!
أنت في سكرة ، يا أمة الله ؛ قد تلاعب بك الشيطان، وأغرقك في ذلك الداء، فأنقذي نفسك، وبادري بالتوبة النصوح من تلك الكبيرة، وأقلعي عنها بالكلية، وأغلقي عنك كل باب يجرك إليها، واقطعي علاقتك بكل صاحب وصديق يعرفك بها، ويعينك عليها.
نسأل الله أن يهديك، ويتوب عليك.
والله أعلم.