كيف يتصرفون في بيت مرهون عندهم من زمن قديم؟

23-10-2023

السؤال 400474

اسؤال: هل يحق لنا التصرف بالبيع في بيت مرهون لدينا لة أكثر من مائة سنة، ولا نعلم من أصحابه الذين انقرضو، ولم يعد للاسرة وجود في المنطقة؟

الجواب

الحمد لله.

الأموال التي بيد المسلم لا يعلم أصحابها ، يجب عليه البحث عنهم بقدر استطاعته ، فإن يئس من الوصول إليهم أو إلى ورثتهم ، فإنه يتصدق بها عنهم ، ويكون هذا التصرف نافذا في ملك غيره للضرورة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"الْمَالُ إذَا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ مَالِكِهِ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا ، فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْإِنْسَانِ غصوب أَوْ عَوَارٍ أَوْ وَدَائِعُ أَوْ رُهُونٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِهَا ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُمْ ، أَوْ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ يُسَلِّمُهَا إلَى قَاسِمٍ عَادِلٍ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَقُولُ: تَوَقَّفَ أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَصْحَابَهَا؟

وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ؛ فَإِنَّ حَبْسَ الْمَالِ دَائِمًا لِمَنْ لَا يُرْجَى لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ بَلْ هُوَ تَعَرُّضٌ لِهَلَاكِ الْمَالِ وَاسْتِيلَاءِ الظَّلَمَةِ عَلَيْهِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَدَخَلَ بَيْتَهُ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ فَخَرَجَ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ فَجَعَلَ يَطُوفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَيَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ بِالثَّمَنِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ عَنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ فَإِنْ قُبِلَ فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فَهُوَ لِي وَعَلَيَّ لَهُ مِثْلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَكَذَلِكَ أَفْتَى بَعْضُ التَّابِعِينَ مَنْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَتَابَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَرَضِيَ بِهَذِهِ الْفُتْيَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمْ كمعاوية وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/321) .

ولكن بالنسبة للعقارات فإنه لا ضرورة ملجئة إلى بيعها، لأنه يمكن الاستفادة منها بتأجيرها.

فهذا البيت إن أمكن تأجيره فإنه يؤجر وتأخذون حقكم من الأجرة، إن كان لكم عند صاحب البيت حق؛ والباقي يُتصدق به عن صاحبه.

وإن كان لا يمكن الانتفاع به ، فإنه يباع وتأخذون حقكم ، ويتصدق بالباقي عن صاحبه .

وحيث إنكم في بلاد الحرمين وبها المحاكم الشرعية ، فيجب أن يتم ذلك بعد الرجوع إلى المحكمة، فقد ذكر العلماء أن من أحكام الرهن أنه لا يبيعه الدائن إلا إذا كان المدين أذن له ، فإن لم يكن أذن له فالذي يتولى بيعه هو الحاكم (أي : القاضي الشرعي) .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المقنع" (12/445):

"وَإذَا حَلَّ الدَّينُ، وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أذِنَ لِلْمُرْتَهِن فِىِ بَيعِهِ، بَاعَه، وَوَفَّى الدَّينَ، وَإلَّا رَفَعَ الْأمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ، فيُجْبِرُهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّينِ أَوْ بَيعِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، بَاعَهُ الحَاكِمُ، وَقَضَى دَينَهُ" انتهى.

وعلى هذا، فإنكم ترفعون الأمر إلى المحكمة الشرعية.

والله أعلم .

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب