هل ظهرت فرقة الشيعة بعد معركة الولجة؟

23-12-2022

السؤال 403482

ما الذي حصل فعلاً في معركة الولجة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم وأدى إلى ظهور الشيعه في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه؟

ملخص الجواب:

معركة "الولجة" هي معركة ضمن سلسلة من المعارك خاضها الجيش المسلم في فتح بلاد العراق وفارس، في السنة الثانية عشر من الهجرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولم يرد فيها ما يكون سببا لظهور الشيعة، ثم إن الشيعة لم تظهر مطلقا في زمن أبي بكر رضي الله عنه، بل كانت الأمة يومئذ متفقة لا فرق فيها. والذي يتوافق مع أخبار التاريخ، أن ظهور الشيعة كان أحد نتائج فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه. وينظر للأهمية تفصيل ذلك في الجواب المطول

الجواب

الحمد لله.

معركة "الولجة" هي معركة ضمن سلسلة من المعارك خاضها الجيش المسلم في فتح بلاد العراق وفارس.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" كان أمر الولجة في صفر أيضا من هذه السنة - سنة ثنتي عشرة من الهجرة النبوية -، فيما ذكره ابن جرير، وذلك لأنه لما انتهى الخبر بما كان بالمذار من قتل قارن وأصحابه، إلى أردشير، وهو ملك الفرس يومئذ، بعث أميرا شجاعا يقال له: الأندر زغر. وكان من أبناء السواد، ولد بالمدائن ونشأ بها، وأمده بجيش آخر مع أمير يقال له: بهمن جاذويه. فساروا حتى بلغوا مكانا يقال له: الولجة.

فسمع بهم خالد، فسار بمن معه من الجنود، ووصى من استخلفه هنالك بالحذر وقلة الغفلة، فنازل أندر زغر ومن تأشب معه، واجتمع عنده بالولجة، فاقتتلوا قتالا شديدا هو أشد مما قبله، حتى ظن الفريقان أن الصبر قد فرغ، واستبطأ كمينه؛ الذي كان قد أرصدهم وراءه في موضعين، فما كان إلا يسير حتى خرج الكمينان من ها هنا وها هنا، ففرت صفوف الأعاجم، فأخذهم خالد من أمامهم، والكمينان من ورائهم، فلم يعرف رجل منهم مقتل صاحبه، وهرب الأندر زغر من الوقعة، فمات عطشا" انتهى من "البداية والنهاية" (9/518).

ولم يرد فيها ما يكون سببا لظهور الشيعة، ثم إن الشيعة لم تظهر مطلقا في زمن أبي بكر رضي الله عنه، بل كانت الأمة يومئذ متفقة لا فرق فيها.

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" ففي خلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يكن أحد يسمى من الشيعة، ولا تضاف الشيعة إلى أحد، لا عثمان ولا علي ولا غيرهما، فلما قتل عثمان تفرق المسلمون، فمال قوم إلى عثمان، ومال قوم إلى علي، واقتتلت الطائفتان، وقتل حينئذ شيعة عثمان شيعة علي...

وكانت الشيعة أصحاب علي يقدمون عليه أبا بكر وعمر، وإنما كان النزاع في تقدمه على عثمان.

ولم يكن حينئذ يسمى أحد لا إماميا ولا رافضيا، وإنما سموا رافضة، وصاروا رافضة، لما خرج زيد بن علي بن الحسين بالكوفة في خلافة هشام، فسألته الشيعة عن أبي بكر وعمر، فترحم عليهما، فرفضه قوم، فقال: رفضتموني رفضتموني فسموا رافضة، وتولاه قوم فسموا زيدية لانتسابهم إليه. ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى رافضة إمامية وزيدية، وكلما زادوا في البدعة زادوا في الشر..." انتهى من "منهاج السنة" (2/ 95 -96).

وهذا الذي يتوافق مع أخبار التاريخ، فالشيعة كان ظهورها أحد نتائج فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى:

" ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون كذلك ليس بينهم اختلاف في شيء أصلا، بل كلهم أمة واحدة، ودين واحد، ومقالة واحدة، ثم ولي أبو بكر رضي الله عنه سنتين وستة أشهر، فغزا فارس والروم وفتح اليمامة... ثم مات رضي الله عنه والمسلمون كما كانوا لا اختلاف بينهم في شيء أصلا، أمة واحدة، ومقالة واحدة...

ثم مات أبو بكر وولي عمر رضي الله عنهما، ففتحت بلاد الفرس طولا وعرضا، وفتحت الشام كلها، والجزيرة، ومصر كلها... ثم ولي عثمان رضي الله عنه، فزادت الفتوح، واتسع الأمر... وبقي كذلك اثني عشر عاما حتى مات، وبموته حصل الاختلاف، وابتداء أمر الروافض " انتهى من "الفصل" (2/ 213–216).

والله أعلم.

التاريخ والسيرة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب