عندنا فى الأفراح فى مصر قبل الزفاف بيوم يسمى يوم الحنة، ويقوم الناس بتشغيل الأغانى فيه، ولكن قام بعض الملتزمين من الناس إذا أقبل على الزواج بتغيير ذلك، فيأتى يوم الحنة هذا بعمل حفلة دينية بدلا من الأغانى، فيقوم بالاتفاق مع قاريء للقران؛ لكى يحيي هذه الليلة، ويعطيه المال على ذلك، فيقرأ القرآن، والابتهالات، والناس تجلس تستمع. السؤال: هل هذا العمل من البدع؟ وما حكم الذهاب إليه؟
الحمد لله.
أولا :
سماع الأغاني والموسيقى محرم ، وقد سبق بيان أدلة ذلك من الكتاب والسنة في جواب السؤال رقم: (5000).
ثانيا:
لا يصح أن نعالج الخطأ بخطأ، فقراءة القرآن والابتهالات في المناسبة التي ذكرتها لا تخلو من بعض المخالفات الشرعية . فمن ذلك:
1- أن قراءة القرآن مقابل أجرة حرام، حتى حكي اتفاق العلماء عليه.
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :
"وأما استئجار قوم يقرءون القرآن ويهدونه للميت ، فهذا لم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحد من أئمة الدين، ولا رخص فيه. والاستئجار على نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف.
وإنما اختلفوا في جواز الاستئجار على التعليم ونحوه، مما فيه منفعة تصل إلى الغير...
وفي الاختيار: لو أوصى بأن يعطى شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره، فالوصية باطلة، لأنه في معنى الأجرة . اهـ" انتهى من " "شرح العقيدة الطحاوية" (ص301).
وقال الزبيدي الحنفي في " الجوهرة النيرة" (2/296):
"وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ لِيَقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ" انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"الِاسْتِئْجَار عَلَى التِّلَاوَةِ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/364) .
2- الابتهالات الدينية التي يقولونها يشتمل كثير منها على الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم ودعائه، وعلى المبالغة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وآله ، وهو ما لا يرضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل نهانا عن ذلك بقوله:
لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا : عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ رواه البخاري (3189) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"نهى عن الزيادة في مدحه، والإطراء والغلو؛ لأن هذا قد يفضي إلى الشرك، ولهذا خاف على أمته عليه الصلاة والسلام نهاهم عن إطرائه كما فعلت النصارى حتى قالت في ابن مريم: إنه ابن الله، وحتى عبدوه من دون الله، بسبب الغلو والإطراء" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (2/214).
3- يخشى أن يكون في ذلك امتهان للقرآن الكريم، فإن الاجتماع في الأفراح مظنة للكلام واللغط، والابتهاج، وانشغال الناس بعضهم ببعض، وترك الإنصات للقرآن الكريم، وربما رفع الصوت أثناء قراءته في المكان، وهذا كله، إن وقع كذلك، مخالف للأدب في استماع القرآن، والإنصات إليه.
ثالثا:
الذي ننصح به، حتى يكون هذا الاحتفال والاجتماع مباحا ونافعا ، يقتصر فيه على بعض الأناشيد المباحة مع الضرب بالدف، ولا مانع أن يتخلل ذلك كلمة (موعظة) مناسبة للحال، ولا مانع من قراءة بعض آيات من القرآن الكريم التي تكون مناسبة للحال ، ويقوم أحد الحضور بتفسيرها وبيان فوائدها، فيكون المراد ليس هو مجرد التلاوة ، بل التذكير بهذه الآيات المناسبة وما فيها من معانٍ وحكم.
والله أعلم .