الحمد لله.
أولا:
إذا كانت القاعة لم ينو الباني جعلها مسجدا، فلا حرج أن يجتمع فيها أهل القرية لحل قضاياهم الدنيوية، ولا حرج أن تقام فيها الاحتفالات، وأن تؤجر لذلك، لكن لا يباح استعمال الطبل في العرس ولا في غيره، كما لا يباح استعمال المعازف إلا الدف، ويتأكد المنع لكون هذه القاعة تحت مسجد، فاستعمال الحرام فيها ينافي احترام المسجد وتعظيم شعائر الله.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :"أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفى بالدف خاصة" انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/185).
وقال الشيخ ابن عثيمين :"المختوم من الوجهين يسمى ( الطبل ) وهو غير جائز ؛ لأنه من آلات العزف ، والمعازف كلها حرام إلا ما دلَّ الدليل على حلِّه وهو الدف حال أيام العرس " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/186) .
فالواجب منع ذلك، وعدم تمكين أحد من الاحتفال تحت المسجد إذا كان الاحتفال مشتملا على منكر، كالاختلاط أو استعمال المعازف، أو الرقص بين النساء، فإنه محرم كذلك، كما بينا في جواب السؤال رقم: (9290)، ورقم: (261339).
ثانيا:
إذا كانت القاعة داخلة فيما نواه الواقف مسجدا، فإنها تصان عن أمور الدنيا، ويحرم فيها البيع والشراء.
قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور/ 36 - 37.
وروى أحمد (6676)، وأبو داود (1079)، والنسائي (714) عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ).
والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في "تحقيق المسند".
وروى الترمذي (1321) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا : لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً فَقُولُوا : لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ).
والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) رواه مسلم (285).
وروى مسلم (568) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا).
وروى مسلم أيضا (569) عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا وَجَدْتَ؛ إِنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ).
قال ابن عبد البر رحمه الله:" وقد ذكر الله تعالى المساجد بأنها بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وأن يسبح له فيها بالغدو والآصال، فلهذا بنيت، فينبغي أن تنزه عن كل ما لم تبن له " انتهى من "الاستذكار" (2/368).
وقال في كشاف القناع (2/ 369): "ويكره فيه -أي: المسجد- الخوض والفضول من الكلام وحديث الدنيا والارتفاق به" انتهى.
ويجوز عقد النكاح في المسجد، مع تجنب المنكرات السابقة وتجنب ما فيه امتهان المسجد وإفساده.
وينظر: جواب السؤال رقم: (87898).
والله أعلم.