حلفت ألا أفتح الهاتف قبل وقت معين؛ حتي لا يعيقني عن المذاكرة، ولكن كنت في رحلة، وفتحته، فماذا يلزمه؟
الحمد لله.
ومادام الأمر كذلك فإن القول الراجح أنك لم تحنث في يمينك لفتح الجوال وقت الرحلة، حيث انتفى السبب الحامل على اليمين.
فاليمين تنعقد بناء على نية الحالف، أو السبب الذي هيّج اليمين، فإن لم يوجد أحدهما رجعنا إلى معنى لفظ اليمين الشرعي أو اللغوي أو العرفي. (الشرح الممتع15/ 181)
قال ابن قدامة رحمه الله: "والأسباب معتبرة في الأيمان، يتعدى الحكم بتعديها...، فإن حلف لا يأوي معها في دار، يريد جفاءها..، وكان للدار أثر في يمينه، مثل أن كان يكره سكناها، أو خوصم من أجلها، أو امتن عليه بها، لم يحنث إذا أوى معها في غيرها؛ لأنه قصد بيمينه الجفاء في الدار بعينها، فلم يخالف ما حلف عليه" انتهى من "الشرح الكبير" (28/ 18).
جاء في الموسوعة الفقهية:
"إذا عدمت نية المستحلف المحق ونية الحالف، وكانت اليمين عامة أو مطلقة في الظاهر، لكن كان سببها الذي أثارها خاصا أو مقيدا كان ذلك مقتضيا تخصيص اليمين أو تقييدها.
وهذا السبب يسمى عند المالكية بساط اليمين، وعند الحنابلة السبب المهيج لليمين، ويعبر الحنفية عن هذه اليمين بيمين الفور. وفيما يلي أقوال الفقهاء في ذلك:
فمذهب الحنفية: يراعى السبب المهيج لليمين استحسانا عند أبي حنيفة، وهو الراجح في المذهب.
ومذهب المالكية: يراعى بساط يمينه في التعميم والتخصيص والتقييد، والبساط هو السبب الحامل على اليمين.
مذهب الشافعية: السبب الذي أثارها -خاصا أو مقيدا – لا يقتضي تخصيص اليمين أو تقييدها عندهم.
مذهب الحنابلة: يراعى السبب المهيج لليمين لأنه يدل على النية، وإن كان القائل غافلا عنها" انتهى باختصار من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (7/ 309).
ومن خلال ما سبق تعلم أن جمهور الفقهاء -الحنفية والمالكية والحنابلة- يرون اعتبار السبب الحامل على اليمين في الوفاء والحنث. وعليه فلا يلزمك شيء، وإن احتطت لنفسك فيما تستقبل بالوفاء مطلقاً خروجا من الخلاف فهو أولى وأبرأ لذمتك.
والله أعلم