الحمد لله.
حديث ( أنا الحاشر تحشر الناس على قدمي ) هو مما اتفق عليه الشيخان ، ولفظ كامل الحديث أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( إِنَّ لِي أَسْمَاءً أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ ) رواه البخاري (4896) ومسلم (2354)
فأما قوله : أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي فمعناه على أثري أي أنه يحشر قبل الناس ، وهو موافق لقوله في الرواية الأخرى : يُحشر الناس على عقبي .
ويحتمل أن يكون المراد بالقدم الزمان ، أي وقت قيامي على قدمي بظهور علامات الحشر ، إشارة إلى أنه ليس بعده نبي . هذا مجمل ما ذكره الحافظ في الفتح ( 6 / 557 ) .
وقال ابن القيم في زاد المعاد ( 1 / 94 ) فكأنه بعث ليحشر الناس .
ثانياً : قولك : إن الله يسمى "بالحاشر" غير صحيح ؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية ، لا مجال للعقل فيها ، والواجب الوقوف على ما ورد في الكتاب والسنة ، فلا يزاد فيها ولا ينقص :
1. لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه الله من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) (الإسراء:36) وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) (لأعراف:33)
2. ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه ، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى ، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص .
3. صفات الله سبحانه وتعالى أوسع من أسماءه ؛ لأن كل اسم متضمن لصفة .
مثال : من أسماء الله "السميع " هذا الاسم يتضمن إثبات السميع اسما لله تعالى ، واثبات صفة السمع لله .
وأما صفات الله الفعلية فلا تتضمن أسماء الله ؛ لأنها متعلقة بأفعال الله تعالى ،
وأفعاله لا منتهى لها مثال : من صفات الله المجيء ، والإتيان والأخذ والإمساك
والبطش ، قال تعالى : ( وجاء ربك ) ، (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من
الغمام ) ، ( فأخذهم الله بذنوبهم ) ، ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه
) , ( إن بطش ربك لشديد ) ...
فَنَصِفُ الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ، ولا نسميه بها فلا نقول إن من
أسمائه ( الجائي ) و( الآتي ) و( الآخذ ) و( الممسك ) و( الباطش ) .. وإن كنا نخبر
بذلك عنه ونصفه به .
انظر رسالة القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (2/283) من مجموع فتاوى
ورسائل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .