الحمد لله.
أولا:
يحرم الاستمناء، وهو طلب خروج المني بفعله، باليد أو بغيرها من أعضائه؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون/5-6.
قال البغوي رحمه الله في تفسيره (3/360): " وفيه دليل على أن الاستمناء باليد حرام، وهو قول أكثر العلماء" انتهى.
وعليه ؛ فقد أخطأت بما فعلته من المداعبة، وتلزمك التوبة.
ثانيا:
الاستمناء مفسد للصوم، بخلاف الاحتلام.
وحيث حصل خروج شيء من المني بفعلك، فقد حصل الاستمناء المفسد للصوم.
قال في "كشاف القناع" (2/318) في ذكر مفسدات الصوم: " (أو استمنى) أي: استدعى المني (فأمنى، أو أمذى)؛ لأنه إذا فسد بالقبلة المقترنة بالإنزال، فلأن يفسد به [أي: بالاستمناء] بطريق أولى، فإن لم ينزل فقد أتى محرما، ولم يفسد صومه" انتهى.
ثالثا:
من أفسد صوم النافلة لم يلزمه قضاؤه، على الراجح، وهو مذهب الشافعية والحنابلة؛ لأن الصائم المتطوع أمير نفسه، لما روى أحمد (26353) عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ؛ إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3854).
وروى مسلم (1154) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: "دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: (هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟) فَقُلْنَا: لَا، قَالَ : (فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ)، ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: (أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا، فَأَكَلَ).
لكن؛ إن قضى، كان حسنا.
قال النووي رحمه الله: "قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب البقاء فيهما [أي في صوم تطوع أو صلاة تطوع ]، وأنَّ الخروج منهما بلا عذر ليس بحرام، ولا يجب قضاؤهما.
وبهذا قال عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق" انتهى من "المجموع" (6/394).
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (12/160): " قطع التطوع بعد الشروع فيه:
إذا كان التطوع عبادة كالصلاة والصيام، فعند الحنفية والمالكية: إذا شرع فيه وجب إتمامه، وإذا فسد وجب قضاؤه؛ لأن التطوع يلزم بالشروع، مُضِيًّا، وقضاء. ولأن المؤدَّى عبادة، وإبطال العبادة حرام، لقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما، وقد أفطرتا في صوم التطوع: (اقضيا يوما مكانه).
غير أن المالكية لا يوجبون القضاء إلا إذا كان الفساد متعمدا، فإن كان لعذر، فلا قضاء.
وعند الشافعية والحنابلة: يستحب الإتمام إذا شرع في التطوع، ولا يجب، كما أنه يستحب القضاء إذا فسد، إلا في تطوع الحج والعمرة فيجب إتمامهما إذا شرع فيهما؛ لأن نفلهما كفرضهما، نيةً وفِديةً، وغيرهما.
واستدل الشافعية والحنابلة على عدم وجوب الإتمام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر)" انتهى.
وحديث عائشة وحفصة: أخرجه الترمذي (735) وضعفه الترمذي، والألباني.
وينظر الكلام على الحديث، ومن أعله من الأئمة، بتوسع، في كتاب "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (3/323-329).
والله أعلم.