الحمد لله.
ما يحمله الشخص في مدخله ومخرجه، هو من أمور العادة وليس العبادة، حيث يحمل الإنسان ما هو بحاجة إليه، والحياة في عهد النبوة كانت بسيطة لا يحتاج فيها الإنسان إلا إلى ما يستر جسده من اللباس وما يدفع عنه الجوع من الطعام، فلهذا لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلازم حمل شيء معه دوما، إلا ما يعلم من مواظبته صلى الله عليه وسلم على السواك.
فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ).
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: " فَرَأَيْتُ زَيْدًا يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّ السِّوَاكَ مِنْ أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، فَكُلَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اسْتَاكَ".
رواه أبو داود (47)، والترمذي (23) وغيرهما، وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ". وصححه الألباني.
تنبيه:
تبين من الرواية السابقة: أن زيد بن خالد رضي الله عنه، هو الذي كان يضع السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب.
وأما حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ( كَانَ السِّوَاكُ مِنْ أُذُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ ). فهو حديث معلول لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكر غير واحد من أئمة الحديث.
انظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم (1/609)، و" تعليقة على العلل" لابن عبد الهادي، رقم (141).
لكن الإنسان في هذا العصر مع تعقد أحوال المعيشة، أصبح في حاجة إلى حمل أشياء يحصّل بها مصالحه ويحقق بها ما ينفعه كالوثائق الرسمية والنقود ومفاتيح أبواب البيت والسيارة ونحو هذا.
وعلى ذلك؛ فالمشروع أن يعيش المسلم على الوجه الذي تتحقق به مصالح دينه ودنياه، فيحرص على منافعه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ ) رواه مسلم ( 2664).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وليعلم العاقل أنّ العقل والشرع يوجبان تحصيل المصالح وتكميلها وإعدام المفاسد وتقليلها. فإذا عرض للعاقل أمر يرى فيه مصلحةً ومفسدة وجب عليه أمران: أمر علمى، وأمر عملي. فالعلميّ طلبُ معرفة الراجح من طرفَي المصلحة والمفسدة، فإذا تبيّن له الرجحان وجب عليه إيثار الأصلح له" انتهى من"الداء والدواء" (ص 491).
والله أعلم.