قررت التصدق بنسبة شهرية من أجري للفقراء، وأريد الاستفسار هل والدتي أولى بذلك، مع العلم والدتي لديها منحة تكفيها للعيش الكريم؟
الحمد لله.
إذا لم تكن تلفظت بالنذر، أو بلفظ يفيد الإلزام، كقولك: لله علي أن أتصدق على الفقراء، فلك أن تصرف المال لوالدتك، ولغير الفقراء.
وصرف المال للوالدة أفضل من إعطائه الفقراء؛ لما لها من عظيم الحق في البر والصلة، ولما في ذلك من إسعادها، وإدخال السرور عليها، وتمكينها من البذل والتصدق، ووجود منحة تكفيها لا يغني عن ذلك.
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا الإسراء/23.
وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: (أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَبُوكَ) رواه البخاري (5971)، ومسلم (2548).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ رواه أبو داود (3528) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وروى مسلم (995) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ رواه البخاري (55)، ومسلم (1002) والاحتساب : رجاء الأجر والثواب من الله تعالى .
والأهل يدخل فيهم الوالدان، أو هما أولى وأحق من كل أهل.
قال الحافظ في "الفتح" (9/ 498): " وقوله: "على أهله" يحتمل أن يشمل الزوجة والأقارب، ويحتمل أن يختص الزوجة، ويلحق به من عداها بطريق الأولى؛ لأن الثواب إذا ثبت فيما هو واجب، فثبوته فيما ليس بواجب أولى" انتهى.
والله أعلم.