الحمد لله.
هذا الخبر إنما يتناقله أهل التاريخ من كتاب "المسالك والممالك" (ص 162 - 163) لابن خرداذبة، حيث قال:
" فحدثني سلّام التّرجمان أن الواثق بالله لمّا رأى فى منامه كأنّ السّدّ الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج قد انفتح، فطلب رجلا يخرجه الى الموضع فيستخبر خبره، فقال أشناس: ما هاهنا أحد يصلح إلّا سلّام الترجمان، وكان يتكلّم بثلاثين لسانا، قال فدعا بي الواثق، وقال: أريد أن تخرج إلى السدّ حتّى تعاينه وتجيئنى بخبره وضمّ إليّ خمسين رجلا، شباب أقوياء، ووصلنى بخمسة آلاف دينار ..." فذكر الخبر.
وهذا الخبر إسناده ليس بصحيح.
فمصنف كتاب "المسالك والممالك" وهو ابن خرداذبة لم ينقل توثيقه عن أحد، بل هو متكلّم في عدالته.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" عُبَيد الله بن أحمد بن خُرْدَاذْبُهْ، يكنى أبا القاسم.
وكان جده مجوسيا، وعني هو بالكتابة، وتولى البريد بنواحي الجبل في أيام المعتمد، وكان راوية للأخبار. له تصانيف منها: "المسالك والممالك"، و "الندامى والجلساء"، و "اللهو والملهى"، و "الطبيخ" و "الشراب".
وكان يَأتي فِي تصانيفه بالغرائب، حتى قال بعضهم في شيء نقله عنه: كذا زعم ابن خرداذبه، وإن يك كاذبا فعليه كذبه، وأنشد له المرزباني شعرا وسطا.
وممن كذّبه أبو الفرج الأصبهاني، ويقال: إنه عُبَيد الله بن عبد الله بن خرداذبه " انتهى من "لسان الميزان" (5/ 317–318).
وأمّا سلام الترجمان فهو مجهول.
ومع ضعف إسناده فهو غريب؛ فهذه الرحلة على الوصف المذكور، ينبغي أن تكون حدثا مشهودا في مجلس الخليفة، ومجالس الخلفاء يومئذ لا تخلو من أهل العلم والفضل؛ ومع هذا فلا نجد أحدا ذكرها إلا ابن خرداذبه عن سلام هذ.
والله أعلم.