الحمد لله.
أولا:
قد سبق في الموقع بيان عدم صحة نسبة كتاب " الإمامة والسياسة" وهذا في جواب السؤال رقم: (121685).
ولم نقف على شيء من الحجج التي تقطع بنسبة "كتاب الإمامة والسياسة" إلى أبي محمد ابن قتيبة عبد الله بن مسلم الدينوري المتوفى سنة 276 هـ.
وأما وجود نسخة للكتاب عليها اسمه فهذا لا يقطع بنسبة الكتاب إليه، فقضية نسبة الكتب إلى غير أصحابها قضية مشهورة، فللتثبت من صحة النسبة ودفع الشكوك يتم اللجوء إلى القرائن.
والقرائن هنا تشكك في نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة.
فهل أشار ابن قتيبة إليه في كتبه؟ وهل نسبه إليه أحد من معاصريه أو من قرب منهم؟ وهل ورد بإسناد صحيح إلى مصنفه؟ فهذه هي الحجج التي تقطع بنسبة الكتاب، وهي غير متوفرة في كتاب "الإمامة والسياسة".
وأعلى ما في هذه النسبة يتمثل في نقل ابن العربي منه وهو قد جاء بعده بقرون، ومثل هذا ليس بحجة في نسبة الكتاب؛ لأن من الواضح أن ابن العربي لم يصله الكتاب بإسناد صحيح، وإنما لقي نسخة منه عليها اسم ابن قتيبة، ويدل لذلك صراحة قوله رحمه الله تعالى:
"فأما الجاهل فهو ابن قتيبة، فلم يبق ولم يذر للصحابة رسما في كتاب "الإمامة والسياسة" إن صح عنه جميع ما فيه" انتهى من "العواصم" (ص 248).
فلو وصل الكتاب إلى ابن العربي بطريقة تقطع بنسبته إلى ابن قتيبة لما قال هذا الكلام، ولما شكك في بعض محتوياته.
وهذه الشكوك قد تكون واهنة لو كان نهج الكتاب يوافق نهج كتب ابن قتيبة وعقيدته، فابن العربي وصفه بالجاهل العاقل، لأنه يعلم بعد عقيدة ابن قتيبة من عقيدة الطاعنين في الصحابة، بينما وصف بعده المسعودي بالمبتدع المحتال، فغاير في وصف الرجلين لاختلاف المعتقد، فكيف ننسب إلى رجل كتابا مخالفا لعقيدته، من غير حجة؟
ثانيا:
ثم من ذكرتهم ممن ينسب الكتاب إلى ابن قتيبة هم من المغاربة المتأخرين، وهذا ما يزيد الشك في نسبة الكتاب، فلِما غاب ذكره عند أهل العلم المتقدمين؟ ولما خلت منه كتب مشاهير المؤرخين من المشارقة وأهل بلده بغداد؟!
ثالثًا:
كون المستشرقين أول من شكك في نسبة الكتاب، ليس فيه ما يستغرب، لأنهم كانوا السابقين إلى طباعة كتب التراث وتحقيق النسخ المطبوعة.
ومن جاء بعدهم من محققي المسلمين لم يتبعوهم في هذا التشكيك تقليدا، وإنما لما ظهر لهم من القرائن الدالة على ضعف هذه النسبة.
رابعًا:
ما ذكرته من تشابه بين كتاب "الإمامة والسياسة" وكتاب "المعارف" لا يظهر لنا وجهه، بل طريقة التصنيف وسرد الأخبار غير متشابهة، وطريقة ذكر الأسانيد موهمة ليست من نهج ابن قتيبة في سرد أسانيد أخباره.
وفي جوابنا السابق في الموقع: قرائن تاريخية وموضوعية كثيرة، تؤكد بطلان نسبة الكتاب لابن قتيبة، رحمه الله، يجدر بالقارئ الكريم أن يعيد النظر فيها، ويتأمها بإنصاف.
والله أعلم.
الخلاصة
الاحالات