ما حكم دراسة ميكانيكا الكم، وهل تعارض الدين؟

25-04-2023

السؤال 434143

أنا أهوى الاستطلاع على علم الفيزياء الحديثة، وكثيرا ما أحب التعرف عليها أكثر فأكثر، لكن هناك أمر أثار في نفسي نفورا عنها، وهو ميكانيكا الكم، وما تحمله من بعض النظريات التي لا أجدها توافق العقيدة الإسلامية كمبدأ عدم اليقين مثلاً، فحبذا لو نفعتمونا بإخبارنا حول رؤية الشرع ورؤية أهل العلم عن مثل هذه المواضيع، وهل هي تعارض الشرع ؟ وهل يجوز دراستها وتعلمها؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

ميكانيكا الكم فرع من فروع الفيزياء النظرية، يعتني بوصف الظواهر على مستوى نطاق الذرة، بعد فشل الميكانيكا الكلاسيكية في هذه المهمة.

وأحد الأفكار الأساسية في ميكانيكا الكم هو أن عملية الملاحظة للظواهر، تؤثر في طبيعة هذه الظواهر تأثيرًا تغييريًا، وإذا كان النظام لا يتأثر بالملاحظة تأثيرًا ذا بال، فهو إذًا نظام كبير ينتمي لمجال الميكانيكا الكلاسيكية.

ثانيًا:

توجد بعض الاتجاهات الإلحادية واللادينية العربية تحاول توظيف بعض مفاهيم ميكانيكا الكم لدعم آرائها، لكن في الحقيقة هي محاولة بائسة للغاية، ومن أجل ذلك، فهي لا توجد بأي شكل جاد عند الملحدين الغربيين، ويمكن الاطلاع على كتاب: "اختراق عقل" لنقد هذه المحاولات.

ويستدل بعضهم بمسألة الأكوان المتعددة، وبقطع النظر عن أنها لا ترقى حتى لمستوى الفرضية، فضلًا عن الحقيقة العلمية، ففيها مشكلات علمية كثيرة جدًا، ومن الممكن مراجعة هذه الورقة:

"Three Measurement Problems"

Tim Maudlinكتبها:

 ثالثًا:

بخصوص مبدأ عدم اليقين، أو عدم التأكد لهايزنبيرغ؛ فيتعلق بعجزنا عن التنبؤ الدقيق بحركة الأشياء مستقبلًا، لأن نفس مراقبتنا لهذه الحركة تؤثر تأثيرًا غير قابل للقياس في مستقبل هذه الحركة.

ولا علاقة لهذا المبدأ من قريب أو بعيد بقطعيات الدين ولا يتصادم معها.

رابعًا:

بناء على ما تقدم، فلا توجد حقائق قاطعة ناتجة عن ميكانيكا الكم، بحيث يمكن أن تكون هذه الحقائق القاطعة مصادمة لقطعيات الدين، وهذه هي القاعدة الأساسية في التعامل مع مجالات العلوم النظرية والتجريبية؛ أنه ما دام لم توجد هناك حقيقة قاطعة أنتجها العلم، بحيث تكون في ذات الوقت مصادمة لقطعيات الدين؛ فإنه لا توجد شبهة يحتاج الدين لدفعها عن نفسه.

وما دام لا يتبنى المشتغل بالنطاق العلمي رأيًا مصادمًا لقطعيات الدين، فإنه لا يوجد حرمة في اشتغاله بهذا المجال، والاطلاع على ما فيه، ولا في تبنيه للرأي المعين، مع أهمية مراجعته لأهل العلم في آرائه التي تتقاطع مع الدين بشكل عام.

وانظر جواب السؤال رقم: (10471).

وننصح بمراجعة كتاب: النظريَّات العلميَّة الحديثة - مسيرتها الفكريَّة، وأسلوب الفكر التغريبي في التعامُل معها، للدكتور حسن بن محمد الأسمري، وهو متاح على الشبكة.

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب