إذا كان الميت فقيراً ، فمن الذي يجب عليه أن يدفع تكاليف تكفينه وتغسيله ودفنه . . . إلخ ؟.
الحمد لله.
أولاً :
إذا كان الميت له مال فنفقات تجهيزه تكون من ماله ، ويكون هذا مقدماً على قضاء ديونه ، وتنفيذ وصيته إن كان أوصى بشيء ، وقبل الميراث ، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة : ( وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ) رواه البخاري (1851) ومسلم (1206) .
قال ابن القيم في “زاد المعاد” (2/240) في الأحكام المستفادة من هذا الحديث :
” أن الكفن مقدم على الميراث ، وعلى الدَّين ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يكفن في ثوبيه ، ولم يسأل عن وارثه ، ولا عن دَيْن عليه ، ولو اختلف الحال لسأل .
وكما أن كسوته في الحياة مقدمة على قضاء دَيْنه ، فكذلك بعد الممات ، هذا كلام الجمهور ، وفيه خلاف شاذ لا يُعَوِّل عليه ” انتهى .
وانظر : “المجموع” (5/147) ، “المغني” (3/457) .
وقال الكاساني في “بدائع الصنائع” ( 2/330) : ” ويكفن من جميع ماله قبل الدين والوصية والميراث , لأن هذا من أصول حوائج الميت ؛ فصار كنفقته في حال حياته ” انتهى .
ثانياً :
وإذا لم يكن للميت مال وجب تكفينه على من تلزمه نفقته ( كأبيه وابنه والزوج ) , فإن لم يكن وجبت من بيت المال , فإن لم يكن وجب ذلك على عامة المسلمين .
انظر : ” المجموع” (5/148-150) ، “بدائع الصنائع” (2/330) .
قال الشيخ ابن عثيمين في “الشرح الممتع” (5/219) : ” وإنما قُدم بيت مال المسلمين على عموم المسلمين ؛ لأنه لا منّة فيه على الميت ؛ بخلاف ما إذا كان من المسلمين ، فإن هذا الذي سوف يعطيه سيكون في قلبه منة عليه ” انتهى .
وقال أيضاً : ( 5/217 ) : ” ولكن لو فرض أن هناك جهة مسؤولة ملتزمة بذلك ، فلا حرج أن نكفنه منها إلا إذا أوصى الميت بعدم ذلك ، بأن قال : كفنوني من مالي ، فإنه لا يجوز أن نكفنه من الأكفان العامة ، سواء كانت من جهة حكومية ، أو من جهة خاصة ” انتهى .
ثالثاً :
ولما كان الزوج يجب عليه النفقة على زوجته حال الحياة كان كفنها واجباً عليه .
وهو قول أبي حنيفة والشافعي ومالك , وقال أحمد : يجب في مالها .
انظر : “المجموع” (5/148-150) , “حاشية ابن عابدين” (3/101) .
قال الشيخ ابن عثيمين في “الشرح الممتع” (5/219) تعليقاً على قول الجمهور : ” وهذا القول أرجح إن كان موسراً ” أي : غنياً .
وسئل الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : هل يجب على الزوج كفن الزوجة ؟
فأجاب :
” الصحيح أنه يجب على الزوج كفن امرأته ، موسرة كانت أو معسرة ، وهو من النفقة ، ومن المعاشرة بالمعروف ، ومما يعده الناس منكراً أنه إذا ماتت زوجة الغني المعسرة أنه لا يجب عليه كفنها ” انتهى .
“الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة” (2/542) .
وأما الزوجة فلا يلزمها كفن زوجها ، لأنها لا يجب عليها أن تنفق عليه حال الحياة .
قال الكاساني في “بدائع الصنائع” (2/330) : ” ولا يجب على الزوجة كفن زوجها بالإجماع , كما لا يجب عليها كسوته في حال الحياة ” انتهى .