ما الحكمة من وجود الأيتام؟

12-04-2023

السؤال 444647

ماالحكمة الإلهية من وجود أيتام بلا ام او اب وجزاكم الله خير

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

لا شك أن اليتم ابتلاء عظيم، وأن اليتيم يعيش متألمًا، قد افتقد الدور العظيم الذي يقوم به الوالدان في حياته، ومن دلائل ثقل هذا الابتلاء أن الله امتن على نبيه بأن أواه يتيمًا أَلَم يَجِدكَ يَتِيما فَآوَى الضحى/6.

ولا شك كذلك: أن الشريعة قد حثت على مراعاة أحوال اليتيم وإكرامه ورعايته، يقول سبحانه: فَأَمَّا ٱليَتِيمَ فَلَا تَقهَر الضحى/9.

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا)  وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. أخرجه البخاري (5304).

وعن مالك بن الحارث رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ) أخرجه أحمد (19025)، وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/676): "صحيح لغيره".
 

وكل ذلك يظهر جليًا عظم هذا الابتلاء وثقله ، وحرص الشريعة على تخفيف هذا الابتلاء عن اليتيم .

ثانيًا:

نشير هنا في هذه الفقرة من الجواب إلى بعض الحكم التي تختص بحالة اليتم، وما خفي علينا من حكم الله أعظم وأكبر.

(1) اليتم بلاء مستمر ما دامت حياة اليتيم، وهو بذلك فرصة عظيمة جدًا لتكفير الذنب وتحصيل الأجر.

(2) اليتم فرصة عظيمة لإظهار معالم التراحم بين المؤمنين، وتقوى به الصلات والعلاقات بين اليتيم وأرحامه، وبين اليتيم والمؤمنين الذين يبصرون حاله فيطلبون رضا الله وأجره بتقديم الرعاية لهذا اليتيم.

(3) كم من يتيم كتب الله له كفالة ورعاية وحسن تنشئة وتربية ، ولربما كان يبتلى بأبوين لا يحسنان إليه هذا الإحسان، فكان يتمه خيرا له ، والله يقول: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ البقرة/216.

(4) اليتم ابتلاء يستفز طاقات الإنسان، ويتحداه ليقدم للحياة أحسن ما يستطيع، ويحتوي تاريخ الإنسانية على أيتام نبغوا، وكان اليتم محركًا لطاقاتهم لبلوغ غايات لربما ما كانوا ليبلغوها لولا التحدي الذي حركهم إليه اليتم، فقدموا تلك الاستجابات الرائعة والمشرفة.

(5) وأخيرًا فاليتم يفتح للعبد باب الافتقار إلى الله، فكل فقد إنساني يمر به الإنسان، فإنه يفتح له باب تعظيم التعلق بالله والاستغناء به عمن سواه، ولعل هذا من حكمة ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم الأب، ثم فقده للأم، فالجد الراعي، فالعم الكفيل، وكل ذلك زاد من تعلق رسول الله بمولاه، وجرده إليه.

وكذلك كل يتيم يألم ألم الفقد؛ فإن هذا في الحقيقة باب يفتحه الله له، ليقبل على ربه مفتقرًا إليه، سائلًا الله أن يسد احتياجه لوالديه، فإنه لا يملك أحد أن يسد هذا الاحتياج بكمال وتمام إلا الله سبحانه.

وكل ابتلاء يمر به الإنسان ففيه حكمة مطوية ثابتة أنه وسيلة محركة للعبد ليضع رأسه بين يدي مولاه، ويسأله شفاء نفسه ومداواة ألمه، سبحانه لا حول ولا قوة إلا به.

وينظر للفائدة: في حكم الابتلاء: جواب السؤال رقم (35914)

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب