الحمد لله.
أولا:
يجوز الاتفاق مع المصنع على تصريف منتجاته بسعر معين، وما زاد فهو لك، وهذا من باب الوكالة.
وإلى هذا ذهب ابن عباس رضي الله عنه، وبه أخذ أحمد وإسحاق رحمهما الله.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه:
" بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ، أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ) " انتهى.
ثانيا:
يجوز أن تشتري الشوالات من المصنع، ثم تبيعها على المطاحن.
لكن لا يجوز أن تبيعها على المطاحن حتى تشتريها، ثم تقبضها، ولا يجوز أن تبيعها للمطاحن وهي في المصنع؛ لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحكيم بن حزام: (إِذَا اشْتَرَيْتَ بِيعاً فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15316) وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره.
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الله عليه (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم).
والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
ثالثا:
لا يلزم المصنع إذا اتصل عليه أحد المطاحن أن يمتنع من البيع، وأن يرجع لك، حتى لو كنت ذكرت اسم المطحن وكنت السبب في تعرفه على المصنع؛ لأنه إن كنت وكيلا كما في الصورة الأولى، فعقد الوكالة يجوز فسخه، فلا يلزم المصنع أن تستمر معه وكيلا.
قال في منار السبيل (1/ 393): "(والوكالة، والشركة، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة، والوديعة، والجعالة: عقود جائزة من الطرفين؛ لأن غايتها من جهة الموكل ونحوه إذنٌ، ومن جهة الوكيل ونحوه: بذل نفع، وكلاهما جائز.
(لكل من المتعاقدين فسخها) أي: هذه العقود" انتهى.
وإن كنت مشتريا كما في الصورة الثانية، فليس المصنع ملزما بالبيع لك.
وبهذا تعلم أنه ليس في الاتفاق الذي ذكرته مع المصنع ما يوجب أن يستمر في التعامل معك، أو ما يمنعه من التعامل مع المطاحن التي سميتها له، فهذا حجر لا تملكه عليه.
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم (278377)
والله أعلم.