أنا شاب للأسف الشديد أحاول بقوة ترك العادة السرية ولكني أضعف أحيانا ويحدث أنه بعد الغسل يخرج سائل شفاف لزج فهل هو يوجب الغسل حتى لو كان منيا مع العلم أنه خرج بدون شهوة وهل يجوز إزالة النجاسة مع غسل الجنابة ؟.
الحمد لله.
أولا :
الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من العادة السرية وأن تقلع عنها ؛ وأن تحذر عاقبة تكرار الذنب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) رواه الترمذي (3257) وابن ماجة (4234) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي برقم2654. ويمكنك مراجعة السؤال ( 329 ) ففيه بيان لكيفية الإقلاع عن هذه العادة السيئة .
ثانيا :
من اغتسل من احتلام أو جماع ثم خرج منه شيء بعد الغسل ، دون شهوة ، لم يلزمه إعادة الغسل ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( فصل : فأما إن احتلم , أو جامع , فأمنى , ثم اغتسل , ثم خرج منه مني , فالمشهور عن أحمد أنه لا غسل عليه , قال الخلال : تواترت الروايات عن أبي عبد الله ـ أي الإمام أحمد ـ , أنه ليس عليه إلا الوضوء , بال أو لم يبل , فعلى هذا استقر قوله . وروي ذلك عن علي وابن عباس وعطاء والزهري ومالك والليث والثوري وإسحاق , وقال سعيد بن جبير : لا غسل عليه إلا من شهوة .
وفيه رواية ثانية : إن خرج بعد البول , فلا غسل فيه , وإن خرج قبله اغتسل ، وهذا قول الأوزاعي وأبي حنيفة , ونقل ذلك عن الحسن ; لأنه بقية ماء خرج بالدفق والشهوة , فأوجب الغسل كالأول وبعد البول خرج بغير دفق وشهوة , ولا نعلم أنه بقية الأول ; لأنه لو كان بقيته لما تخلف بعد البول .
وقال القاضي : فيه رواية ثالثة , عليه الغسل بكل حال . وهو مذهب الشافعي ; لأن الاعتبار بخروجه كسائر الأحداث . وقال في موضع آخر : لا غسل عليه . رواية واحدة ; لأنه جنابة واحدة , فلم يجب به غسلان , كما لو خرج دفعة واحدة ...) انتهى من المغني 1/128
والصحيح أنه إذا خرج بغير شهوة لم يجب الغسل كما في الإنصاف 1/232، وكشاف القناع 1/141 ونصه : ( فإن خرج المني بعد الغسل من انتقاله ) لم يجب الغسل . ( أو ) خرج المني ( بعد غسله من جماع لم ينزل فيه ) بغير شهوة لم يجب الغسل ( أو خرجت بقية مني اغتسل له بغير شهوة لم يجب الغسل ) لما روى سعيد عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل ؟ قال : يتوضأ وكذا ذكره الإمام أحمد عن علي ولأنه مني واحد فأوجب غسلا واحدا , كما لو خرج دفقة واحدة , ولأنه خارج لغير شهوة أشبه الخارج لبرد , وبه علل أحمد قال : لأن الشهوة ماضية , وإنما هو حدث أرجو أن يجزئه الوضوء) انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( قوله : " فإن خرج بعده لم يُعِده " أي : إذا اغتسل لهذا الذي انتقل ثم خرج مع الحركة ، فإنه لا يعيد الغسل . والدليل :
1- أن السبب واحد ، فلا يوجب غسلين .
2- أنه إذا خرج بعد ذلك خرج بلا لذة ، ولا يجب الغسل إلا إذا خرج بلذة .
لكن لو خرج مني جديد لشهوة طارئة فإنه يجب عليه الغسل بهذا السبب الثاني) انتهى من الشرح الممتع (1/281). وانظر السؤال رقم ( 12352 )
ثالثا :
المشروع في غسل الجنابة : إزالة ما لوث البدن من مني وغيره ، ثم الشروع في الاغتسال بالبدء بأعضاء الوضوء ، ثم إفاضة الماء على سائر الجسد ، لثبوت ذلك في صفة غسله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري (251) ومسلم (476) عن مَيْمُونَة رضي الله عنها قَالَتْ صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلا فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا"، وإن حصل منك إزالة لشيء من النجاسات أو غيرها فإن هذا لا يبطل الغسل لأن الواجب في الغسل تعميم الجسد بالماء ـ مع المضمضة والاستنشاق على الصحيح ـ مع نية الغسل ، وليس من شروط رفعه للحدث عدم ملامسة النجاسة في أثنائه .
والله أعلم .