هل السائل الأبيض الذي يخرج من المرأة ينقض الوضوء؟
رطوبة فرج المرأة ناقضة للوضوء، إلا أن يكون السائل مستمراً عليها، فإن كان مستمراً فإنه ينقض الوضوء، لكن على المرأة أن لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول الوقت وأن تتحفظ. وأما حكم السائل من جهة الطهارة فهو طاهر لا ينجس الثياب ولا البدن.
الحمد لله.
الظاهر أن السائلة تقصد بسؤالها حكم رطوبة فرج المرأة، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، وتحريرها في بيان مسألتين:
والراجح هو القول الأول، لعدم الدليل على نجاسة تلك الرطوبة، قال في المغني: “لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو من جماع… وهو يلاقي رطوبة الفرج، ولأننا لو حكمنا بنجاسة فرج المرأة لحكمنا بنجاسة منيها.” أ.هـ.
2. المسألة الثانية: هل تلك الرطوبة ناقضة للوضوء أم لا؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
قال الحافظ في الفتح في زيادة الأمر بالوضوء: “وادعى بعضهم أن هذا معلق، وليس بصواب، بل هو بالإسناد المذكور عن محمد عن أبي معاوية عن هشام، وقد بين ذلك الترمذي في روايته، وادعى آخر أن قوله: ثم توضيء من كلام عروة موقوفا عليه، وفيه نظر، لأنه لو كان كلامه لقال: ثم تتوضأ بصيغة الإخبار، فلما أتى به بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع وهو قوله: فاغسلي.” ا.هـ [الفتح 1 / 332، وانظر 1 / 409، وانظر الإرواء 1 / 146، 224].
ولشيخ الإسلام ابن تيمية قولان في المسألة كالمذهبين السابقين، ففي الاختيارات، اختار عدم النقض، وفي مجموع الفتاوى اختار قول الجمهور. انظر مجموع الفتاوى (21/221)، والاختيارات ص27.
وقد فصّل الشيخ ابن عثيمين حكم المسألتين السابقتين فقال:..
الظاهر لي بعد البحث أن السائل الخارج من المرأة إذا كان لا يخرج من المثانة وإنما يخرج من الرحم فهو طاهر، ولكنه ينقض الوضوء وإن كان طاهراً، لأنه لا يشترط للناقض للوضوء أن يكون نجساً، فها هي الريح تخرج من الدبر وليس لها جرم، ومع ذلك تنقض الوضوء، وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي على وضوء، فإنه ينقض الوضوء وعليها تجديده، فإن كان مستمراً، فإنه لا ينقض الوضوء، ولكن لا تتوضأ للصلاة إلا إذا دخل وقتها وتصلي في هذا الوقت الذي تتوضأ فيه فروضاً ونوافل وتقرأ القرآن وتفعل ما شاءت مما يباح لها، كما قال أهل العلم نحو هذا فيمن به سلس البول.
هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة فهو طاهر، لا ينجس الثياب ولا البدن.
وأما حكمه من جهة الوضوء، فهو ناقض للوضوء، إلا أن يكون مستمراً عليها، فإن كان مستمراً فإنه ينقض الوضوء، لكن على المرأة أن لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول الوقت وأن تتحفظ.
أما إن كان متقطعاً وكان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة، فإنها تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش الوقت، فإن خشيت خروج الوقت، فإنها تتوضأ وتتلجم (تتحفظ) وتصلي. ولا فرق بين القليل والكثير، لأنه كله خارج من السبيل فيكون ناقضاً قليله وكثيره.
وأما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينقض الوضوء، فهذا لا أعلم له أصلاً إلا قولاً لابن حزم ـ رحمه الله ـ فإنه يقول: إن هذا لا ينقض الوضوء، ولكنه لم يذكر لهذا دليلاً، ولو كان لـه دليل من الكتاب والسنة أو أقوال الصحابة لكان حجة، وعلى المرأة أن تتقي الله وتحرص على طهارتها، فإن الصلاة لا تقبل بغير طهارة ولو صلت مائة مرة، بل إن بعض العلماء يقول: إن الذي يصلي بلا طهارة يكفر لأن هذا من باب الاستهزاء بآيات الله سبحانه وتعالى. مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/284-286).
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: (224468، 276042، 136065، 50404، 7776، 13948).
والله أعلم.