شخص لديه هاتف لا يحتاجه ولا يستعمله وعليه كفارات يمين وليس لديه مال فهل يجب عليه أن يبيع هذا الهاتف ويكفر عن يمينه بهذا المال أم يصوم فقط؟ وما حكم صومه عن كفارات اليمين وهو معه هذا الهاتف؟
الحمد لله.
أولا:
كفارة اليمين على الترتيب الذي ذكره الله عز وجل في سورة المائدة ، في قوله عز وجل :
( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/89 .
فيختار المكفّر واحدة من هذه الخصال الثلاثة ويفعلها: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ومن فعل واحدة منها فقد برئت ذمته، وفعل ما وجب عليه، فإن عجز عن جميع الخصال الثلاثة، انتقل إلى الصوم.
ثانياً:
لا يجوز الانتقال إلى الصيام مع القدرة على الإطعام أو الكسوة أو العتق، لقوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) المائدة/89.
قال ابن المنذر رحمه الله: "أجمعوا على أن الحالف الواجد للإطعام، أو الكسوة، أو الرقبة، لا يجزئه الصوم إذا حنث في يمينه " انتهى من "الإجماع" (ص/157).
وقال: ابن قدامة رحمه الله : " فإن لم يجد إطعاما، ولا كسوة، ولا عتقا، انتقل إلى صيام ثلاثة أيام؛ لقول الله تعالى: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وهذا لا خلاف فيه" انتهى من "المغني" (13/ 528).
وقال رحمه الله: "كفارة اليمين تجمع تخييرا وترتيبا، فيتخير بين الخصال الثلاث، فإن لم يجدها انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، ويعتبر أن لا يجد فاضلا عن قوته وقوت عياله، يومه وليلته، قدرا يكفر به. وهذا قول إسحق. ونحوه قال أبو عبيد، وابن المنذر" انتهى من "المغني" (13/ 533).
وقال: "ومن له دار لا غنى له عن سكناها، أو دابة يحتاج إلى ركوبها، أو خادم يحتاج إلى خدمته، أجزأه الصيام في الكفارة .
وجملته : أن الكفارة إنما تجب فيما يفضل عن حاجته الأصلية، والسكنى من الحوائج الأصلية، وكذلك الدابة التي يحتاج إلى ركوبها؛ لكونه لا يطيق المشي فيما يحتاج إليه، أو لم تجر عادته به، وكذلك الخادم الذي يحتاج إلى خدمته لكونه ممن لا يخدم نفسه؛ لمرض، أو كبر، أو لم تجر عادته به، فهذه الثلاثة من الحوائج الأصلية لا تمنع التكفير بالصيام...، وبهذا قال الشافعي" انتهى من "المغني" (13/ 535).
وقال الروياني الشافعي: "فإن كان في ثمن مسكنه أو في ثمن خادمه فضل يكون به غنيا حرمت عليه الزكاة والكفارة ، وإن كان فيهما فضل للتكفير بالمال: لم يجزه التكفير بالصيام" "بحر المذهب" (10/ 416).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجلٍ حلف على شيء ثم حنث في يمينه، وصام مع قدرته على الإطعام، فما الحكم؟ هل يجزئه الصيام مع أن الله بدأ بالإطعام وجعل الصيام عند عدم الاستطاعة، ولو كان غير عالم بالحكم هل يختلف الحكم؟
فأجاب: " إذا صام الإنسان في كفارة اليمين وهو قادر على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن الصوم يكون نافلة، وعليه أن يأتي بالكفارة، لكن الصوم لا يضيع، يكون نافلة له، وليطعم" انتهى من "اللقاء الشهري" (70/ 25 بترقيم الشاملة).
وبناء على ما سبق من كلام الأئمة وأدلتهم، فكل من لديه ما هو زائد عن حاجاته الأساسية التي تلحقه مشقة بفقدها، فلا يجوز له الانتقال إلى الصيام في كفارة اليمين، بل يلزمه الإطعام أو الكسوة لغياب الرقبة في زمننا.
والشخص المذكور في السؤال: ليس له أن يكفر بالصيام؛ لأنّه يملك ما هو زائد على حاجاته الأصلية -الجوال المذكور في السؤال-، فيلزمه أن يبيعه، ويكفر بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.
والله أعلم .