الحمد لله.
أولا:
الأم أحق بحضانة الطفل ما لم تتزوج.
قال ابن قدامة رحمه الله: " (والأم أحق بكفالة الطفل والمعتوه، إذا طلقت).
وجُملته: أن الزوجين إذا افترقا، ولهما ولد طفل أو معتوه، فأمه أولى الناس بكفالته، إذا كملت الشرائط فيها، ذكرا كان أو أنثى، وهذا قول يحيى الأنصاري، والزهري، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدا خالفهم.
والأصل فيه: ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص، أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينزعه مني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت أحق به ما لم تنكحي رواه أبو داود.
ويروي أن أبا بكر الصديق، حكم على عمر بن الخطاب بعاصم لأمه أم عاصم، وقال: ريحها وشمها ولطفها، خير له منك. رواه سعيد، في " سننه " ولأنها أقرب إليه، وأشفق عليه، ولا يشاركها في القرب إلا أبوه، وليس له مثل شفقتها، ولا يتولى الحضانة بنفسه، وإنما يدفعه إلى امرأته، وأمه أولى به من امرأة أبيه" انتهى من "المغني" (8/238).
ثانيا:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أحق الناس بالحضانة بعد الأم، إذا ماتت أو تزوجت أو لم تكن أهلا للحضانة: أمهاتها المدليات بإناث، القربى فالقربى ، أي جدة الطفل لأمه ، وإن علت .
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (15/122).
وعن أحمد رحمه الله تقديم أم الأب على أم الأم.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن اجتمعت أم أم وأم أب، فأم الأم أحق، وإن علت درجتها؛ لأن لها ولادة، وهي تدلي بالأم التي تقدم على الأب، فوجب تقديمها عليها، كتقديم الأم على الأب.
وعن أحمد: أن أم الأب أحق، وهو قياس قول الخرقي؛ لأنه قدم خالة الأب على خالة الأم، وخالة الأب أخت أمه، وخالة الأم أخت أمها، فإذا قدم أخت أم الأب، دل على تقديمها، وذلك لأنها تدلي بعصبة، مع مساواتها للأخرى في الولادة؛ فوجب تقديمها، كتقديم الأخت من الأب على الأخت من الأم" انتهى من "المغني" (8/244).
وفي "الموسوعة الفقهية" (17/305): " وعلى هذه الرواية يكون الأب أولى بالتقديم، فيكون الأب بعد الأم، ثم أمهاته" انتهى.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.
وينظر: جواب السؤال رقم: (146836).
ثالثا:
إذا تزوجت الحاضنة من أجنبي عن المحضون، سقطت حضانتها.
قال ابن عبد البر رحمه الله: "الأم أولى بحضانة ولدها وبرضاعه من غيرها، إذا طلقها زوجها، أبدا ما لم تتزوج، فإن تزوجت فالجدة أم الأم أولى إن لم يكن زوجها أجنبيا، فإن كانت [أي: الجدة] متزوجة من أجنبي، سقطت حضانتها.
وكذلك كل امرأة تزوجت أجنبيا من الصبي يبطل حقها من الرضاع والحضانة" انتهى من "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/625).
وقال ابن قدامة رحمه الله: "متى كانت المرأة متزوجة لرجل من أهل الحضانة، كالجدة تكون متزوجة للجد، لم تسقط حضانتها؛ لأنه يشاركها في الولادة والشفقة على الولد، فأشبه الأم إذا كانت متزوجة للأب" انتهى من "المغني" (8/244).
وعلى هذا، فإن الجدة المسئول عنها تسقط حضانتها لزواجها من أجنبي عن المحضون، فتنتقل الحضانة لمن بعدها، وهو الأب، في مذهب الإمام أحمد، أو إلى أم الأب كما هو مذهب الحنفية والشافعية.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (17/302).
رابعا:
إذا أكملت البنت سبع سنين، وكانت حضانتها لجدتها، فإنها تنتقل إلى أبيها، في مذهب الإمام أحمد.
قال المرداوي في "الإنصاف" (9/430): " قوله: (وإذا بلغت الجارية سبعا: كانت عند أبيها) هذا المذهب مطلقا " انتهى.
وقال في "شرح منتهى الإرادات" (3/252): " (وتكون بنت سبع) سنين تامة (عند أب إلى زِفاف وجوبا) ; لأنه أحفظ لها، وأحق بولايتها، وليؤمن عليها من دخول النساء ; لأنها معرضة للآفات , لا يؤمن عليها الخديعة لغرتها" انتهى.
والمفتى به عند الحنفية، أنها إذا بلغت تسع سنين: انتقلت إلى الأب.
وعند الشافعية: تخير الأنثى بعد سبع سنين.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (17/ 314).
والحاصل:
أنه لا حضانة هنا لأم الأم؛ لزواجها من أجنبي عن المحضون، وتنتقل الحضانة لمن بعدها، وهو الأب، أو أم الأب-على الخلاف-، فإذا بلغت سبع سنين كانت مع الأب، أو تخير، على ما سبق ذكره.
والله أعلم.