نسكن في بيت متهالك ومزري ملك للدولة، في أي لحظة أو يوم يتم هدمه؛ لأنه ملك للدولة، وأبي بخيل لا يريد أن يؤجر، ولا أن يشتري بيتا، مع العلم أن راتبه عالي، ومقتدر على ذلك، فكانت أمي تأخذ المال منه دون علمه، فجمعت مبلغا، واشترت به قطعة أرض زراعية لنسكن فيها، فهل هذه الأرض حرام، مع العلم بيتنا متهالك جدا ملك للدولة؟
الحمد لله.
أولاً:
البيت من الأشياء الضرورية في حياة الإنسان، ومتى وفر الأب سكناً لزوجته وأولاده يسكنه مثلهم، فلا يلزمه شيء من الناحية الشرعية، إلا إن أراد أن يوسع عليهم إن كان مقتدراً، وهو أمر مستحب ورغبت فيه الشريعة، فعَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ : الْجَارُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ ) أحمد (15409)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3029).
ومادام أنه مؤمن لهم سكناً يناسبهم، ولو بالإيجار، أو منحة من الحكومة للسكن فيه: فالكفاية حاصلة به، وتملك السكن ليس من باب الضرورات ولا الحاجات الملحة، مادام توفر له سكن بإيجار أو هبة أو عارية.
ثانياً:
إذا كان الزوج قائما بالنفقة الواجبة، من مسكن وملبس ومأكل ومشرب، في حدود المعروف، فلا يجوز لزوجته أن تأخذ من ماله شيئا؛ لحرمة الأخذ من المال إلا بطيب النفس، لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) البخاري (67).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) أحمد (20172)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل (1459).
وبناء على ما سبق:
فإن ما جمعته أمكم من مالك أبيكم واشترت به أرضاً لا يدخل في المال المأذون بأخذه بغير علم الزوج، لأنّ المال الذي يجوز للمرأة أن تأخذه بغير علم الزوج ما كان قاصراً عن النفقات الأساسية.
وكون الأمر قد حصل، فلا بد من إخبار الأب، وجعل هذه الأرض باسمه، وعلى ملكه، إن كان الوالد ممتعاً بحياته.
فإن كان قد اشتري باسم أمكم، أو أحد منكم؛ فيجب تغيير ذلك، ولو بصورة عقد البيع ممن كتب باسمه إلى الوالد.
وإن كان قد رحل إلى الدار الآخرة، فإن البيت يكون ميراثاً يقسم قسمة التركة، إلا أن تتصالحوا على شيء معين برضا الورثة.
والله أعلم