ما حكم شراء شقة بمجمع سكني، وقيام المالك للشقة مثل باقي ملاك الشقق بالمبنى بدفع مصاريف دورية لاتحاد الملاك؛ لصيانة المبنى من مسابح، وملاعب، ودش مركزي، وغيره، مع أن المالك لا يشاهد إلا ما يرضي الله تعالى بالتلفاز بشقته، فهل يأثم بمشاهدة باقي الملاك لما حرم الله تعالى بالتلفاز؟
الحمد لله.
ما يدفعه ملاك الشقق من رسوم للصيانة والخدمات لاتحاد الملاك هو دفع لما يلزمه من تكلفة المنافع المشتركة في العقار، وسواء في ذلك ما يخص صيانة المستهلك أو التالف من العقار، أو أجرة ما يشتركون في منفعته جميعا، كالحارس، أو خدمات الدش والاتصالات، ونحو ذلك.
وكون بعض الأشخاص يستخدم شيئا من هذه المنافع بصورة محرمة، لا يؤثر ذلك على تعاقدك معهم، لأنك تستخدم هذه الخدمة في إطارها الشرعي.
ودفعك الاشتراك لا علاقة له بالآخرين؛ لأن كل شخص يدفع مقابل انتفاعه هو من هذه الخدمة، ولا يدفع عن الآخرين، بحيث لو لم يدفع لتوقفت الخدمة عنه وحده، وتبقى لمن يدفع.
فالجهة منفكة بينك وبين بقية المستخدمين، ولا يتوقف تأجير الخدمة لهم على اشتراكك أو عدمه، فما دام أنك تستخدمها في الحلال، فلا حرج.
والله تعالى يقول: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام/164.
قال الشوكاني رحمه الله عند تفسير الآية : " أي لا يؤاخذ مما أتت من الذنب ، وارتكبت من المعصية سواها ؛ فكل كسبها للشر عليها لا يتعداها إلى غيرها " انتهى من "فتح القدير" (2/ 211).
على أن هذه الخدمات التي يشترك فيها الملاك أو الساكنون للعقار، وبعضهم قد يستخدمها استخداما محرما؛ إذا أمكن أن تستقل بخدمة خاصة بك، تدفعها عن نفسك، ولا تشارك فيها غيرك، فهو أحسن، وأحوط لك، ولو كان ذلك مع زيادة محتملة بالنسبة لك.
وإما إذا كان الاشتراك في مجموع هذه الخدمات، وما تسلتزمه من مصروفات: نظاما إلزاميا عاما للمجمع السكني، لا يمكنك الانفكاك عنه: فهذا وجه آخر في الرخصة، إن شاء الله.
والله أعلم.