ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻔﺎﺟﺄ الأنبياء في السماء ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وهم قد صلوا معه قبلها ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ؟

02-02-2024

السؤال 479468

ﻟﻤﺎﺫﺍ تفاجأ موسى وإبراهيم عليهما السلام حين فتحا أبواب السماء ووجدا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قالا عليمهم السلام: (أو قد بعث؟)، ألم يقابلاه قبل قليل في القدس عندما صلى إماما بهما؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: ( لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ ... ) ؛ فذكر قصة المعراج بطولها، وفيها :

( ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا ؟

فَقَالَ: جِبْرِيلُ.

قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟

قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ.

قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالُوا : فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا ؛ فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ؛ لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ.

فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ . فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي ؛ نِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ ...) ثم ذكر باقي القصة.

أخرجه البخاري(7517) ومسلم (162).

وظاهر جلي من رواية الحديث أن الذين يقولون: (وقد بعث) أو : ( وقد بعث إليه؟) هم الملائكة، وليسوا أنبياء الله الذين صلى بهم قبل ذلك، في بيت المقدس.

وفي سياق القصة: نجد أن أنبياء الله كانوا يتلقون نبينا عليه الصلاة والسلام بالترحيب والدعاء، وأن لقاءهم وترحيبهم ودعاءهم كان يأتي بعد استقبال الملائكة لنبينا عليه الصلاة والسلام وسؤالهم: (أو قد بعث إليه). 

ولم نجد في رواية ثابتة لخبر الإسراء والمعراج أن جملة: (أو قد بعث إليه) قد تكلم بها نبي من أنبياء الله الذين لاقاهم النبي عليه الصلاة والسلام.

ثالثًا:

في استفهام الملائكة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وبعثته، قولان للعلماء

الأول: يمثله قول النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: مراد البوّاب بقوله: "(وقد بُعِث إليه؟) بعثه للإسراء وصعود السماوات، وليس مراده الاستفهام عن أصل البعثة والرسالة، فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدّة، فهذا هو الصحيح -والله أعلم- في معناه، ولم يذكر الخطابيّ في "شرح البخاريّ" وجماعة من العلماء غيرَهُ، وإن كان القاضي قد ذكر خلافًا، أو أشار إلى خلاف في أنه استَفْهَمَ عن أصل البعث، أو عما ذكرتُهُ، قال القاضي: وفي هذا أن للسماء أبوابًا حقيقيةً، وحفظةً مُوَكَّلين بها، وفيه إثبات الاستئذان، والله أعلم" انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (2/215).

والثاني: ما ذكره القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ– في "المفهم" (1/389): "(وقد بُعث إليه) هو استفهام من الملائكة عن بعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وإرساله إلى الخلق، وهذا يدلّ على أنهم لم يكن عندهم علمٌ من وقت إرساله؛ لكونهم مستغرقين بالعبادة، لا يَفترون عنها، وقيل: معناه استفهامهم عن إرسال الله تعالى إليه بالعروج إلى السماء" انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر: "الحكمة في سؤال الملائكة وقد بعث إليه أن الله أراد إطلاع نبيه على أنه معروف عند الملأ الأعلى، لأنهم قالوا: أو بعث إليه؟ فدل على انهم كانوا يعرفون أن ذلك سيقع له، وإلا لكانوا يقولون: ومن محمد، مثلا" انتهى، من "فتح الباري" (7/117).

ولزيادة الفائدة حول خبر الإسراء والمعراج ينظر جواب السؤال رقم: (84314).


والله أعلم

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب