الحمد لله.
أولا:
من نذر إن شفي ولده أن يذبح خروفا يوزعه على الفقراء، فحصل مقصوده، وهو شفاء ولده، لزمه الوفاء بنذره؛ لأن نذر الطاعة يلزم الوفاء به سواء كان معلقا أو منجزا، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6202).
ثانيا:
إذا نذرت أن تذبح الخروف، ثم أردت أنت وإخوتك أن تذبحوا عجلا بدلا منه: جاز لكم ذلك، إذا كنت تذبحه من مالك كاملا، أو كانوا إخوتك يشتركون معك، ونصيبك فيه أكثر من سبع قيمة العجل.
على أن يكون لكل منكم نيته، فأنت تذبح السبع، أو أكثر بدلا عن الخروف الذي لزمك، وإخوتك يتطوعون، بالباقي، وأنت تتطوع معهم كذلك بما زاد على السبع الذي وجب عليك بدلا عن الخروف.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم" (2/244) : "وإذا كانوا أقل من سبعة أجزأت عنهم ، وهم متطوعون بالفضل ، كما تجزي الجزور (البعير) عمن لزمته شاة ، ويكون متطوعا بفضلها عن الشاة " انتهى.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المشاركة بأكثر من سبع البقرة أفضل من الشاة.
قال الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (5/ 255): "المشاركة بأكثر من السبع: أفضل من الشاة" انتهى.
وعلى ذلك؛ فإذا كان نصيبك من المشاركة أكثر من سبع العجل، فالأمر واضح.
ومثل هذا في جواز تحويل الذبح من الخروف إلى العجل، والله أعلم: أن يكون لحم السبع من العجل أكثر، أو أطيب عند أهل بلدكم من لحم الخروف، كما هو الحال في بعض البلدان.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به؛ فالرجل الذي جاء إليه وقال: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال صلى الله عليه وسلم: (صلِّ ها هنا) فأعاد عليه فقال: (صل ها هنا) فأعاد الثالثة فقال صلى الله عليه وسلم: (شأنك إذاً)" انتهى من "تفسير القرآن للعثيمين" (4/ 256).
والحديث رواه أحمد (14919) عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: (صَلِّ هَاهُنَا )، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: ( صَلِّ هَاهُنَا )، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: ( شَأْنَكَ إِذًا).
وأما إذا لم تكن تشترك إلا بسبع قيمة العجل، ولم يكن لحمه أكثر وأطيب عند الناس في بلدكم: فيلزمك أن تذبح الخروف، وفاء بنذرك.
والله أعلم.