هل يسترد المال الذي طلبه منه صديقه لأنه محتاج ثم تبين عدم صدقه؟

01-01-2024

السؤال 488650

أعطيت لصديقي مالا بطلبه، ثم علمت أنه لا يستحق المال، وليس له حاجة ضيقة فيها، وأيضا أن المال الذي أعطيته دون علم أبي سيسبب لي نقاشا وحسابا من أبي، ولأبتعد عن التوبيخ أخذت المال منه دون علمه، فهل أنا آثم بهذا الفعل؟ وهل فعلي حرام،لا و يعتبر سرقة؟ وإذا لم يكن الفعل بهدف السرقة، ولكني أردت أن أسترجع مالي منه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من تصرف تصرفًا ما بناء على سبب كان يظن وجوده ، ثم تبين له عدم وجود السبب ، فله أن يلغي هذا التصرف ويكون كأنه لم يكن .

وقد ذكر العلماء من أمثلة ذلك : الطلاق .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/245) :

" من بنى قوله على سبب تبين أنه لم يوجد فلا حكم لقوله ، وهذه قاعدة لها فروع كثيرة ، من أهمها:

ما يقع لبعض الناس في الطلاق ، يقول لزوجته مثلاً : إن دخلت دار فلان فأنت طالق ، بناءً على أنه عنده آلات محرمة مثل المعازف أو غيرها ، ثم يتبين أنه ليس عنده شيء من ذلك ، فهل إذا دخلت تطلق أو لا ؟

الجواب: لا تطلق ، لأنه مبني على سبب تبين عدمه ، وهذا هو القياس شرعاً وواقعاً " انتهى .

وينظر جواب السؤال رقم: (36835).

ويتأكد ذلك هنا بأنه قد خدعك وكذب عليك ، وأظهر لك أنه محتاج للمال ولكنه في الحقيقة غير محتاج .

ومن القواعد المقررة عند العلماء : "أن من احتال على الحرام ؛ فإنه يعاقب بنقيض قصده" . 

وأنت أعطيته بناء على ما ذكر من حاله ، فإنه في هذه الحالة لا يستحق المال الذي أخذه ، ولا يحل له .

ويكون هذا من أكل المال بالباطل ، الذي يلزمه أن يرده إلى صاحبه ، ولك أن تطالبه به.

فإن لم يقبل أن يرده إليك؛ كان لك أن تسترده منه ولو بدون علمه ، وهو ما يعرف عنه العلماء بمسألة "الظفر" أي : من له حق عند آخر لا يستطيع أخذه ثم ظفر بحقه ، فهل يأخذه بدون علم الطرف الآخر أم لا؟

والراجح في ذلك أن له أن يأخذه ، لأنه يأخذ حقه لا حق غيره.

وانظر جواب السؤال رقم: (171676)، (457665).

ثانيا :

أما إذا كان لم يخدعك ، ولكنه أخبرك أنه محتاج ، وقد كان كذلك بالفعل ، فأعطيته المال لذلك ، فقد مضت الصدقة ، وصارت لازمة لك من حين قبضه المال ، ولا يحل لك أن تعود فيها ، ولا أن تطالبه بها ؛ حتى لو أيسر بعد ذلك ، وصار ذا مال وافر!!

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

"وَأَمَّا الصَّدَقَةُ : فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا بَعْدَ الْقَبْضِ" انتهى من "فتح الباري" (5/235).

وأما ما سيحدث بينك وبين أبيك بسبب هذا المال : فصديقك لم يخطئ –إن لم يكن خدعك- ، وإنما كان التصرف منك أنت ، فعليك أن تتحمل نتيجة تصرفك، ولا يجوز لك أخذ المال بدون علمه.

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب