الحمد لله.
التوسل إلى الله تعالى يكون بأسمائه وصفاته، وبالعمل الصالح، كأن يقول الداعي: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، أو أن يقول: الله إني أسألك بعلمك ورحمتك، أو أن يقول: اللهم إني أسألك بحبي لك، وحبي لنبيك صلى الله عليه وسلم.
وهذا التوسل بأنواعه الثلاثة ثابت في السنة الصحيحة.
وينظر: جواب السؤال رقم: (979)، ورقم: (3297).
أما التوسل إلى الله بشيء من خلقه، فهو توسل بدعي ممنوع.
فلا يشرع التوسل بالعرش، ولا بالكرسي.
قال ابن نجيم رحمه الله في "البحر الرائق" (8/235): " (وبحق فلان) يعني لا يجوز أن يقول بحق فلان عليك، وكذا بحق أنبيائك، وأوليائك ورسلك، والبيت والمشعر الحرام؛ لأنه لا حق للمخلوق على الخالق" انتهى.
وأما التوسل بالنور الذي أنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فإن أراد القرآن، فالتوسل به مشروع؛ لأن القرآن كلام الله، وهو صفة من صفاته.
قال تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف/157.
وقال الله تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) التغابن/8.
فهذا النور هو القرآن.
قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (2/ 161):
" والنور الذي أنزل معه: القرآن، سماه نورا، لأن بيانه في القلوب كبيان النور في العيون.
وفي قوله (معه) قولان: أحدهما: أنها بمعنى عليه . والثاني: بمعنى أُنزل في زمانه" انتهى.
وإن أراد الداعي بالنور: نور محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كما في قوله: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ)المائدة/15، قال قتادة: يعني بالنور: النبي محمّدا صلّى الله عليه وسلّم. وقال غيره: هو الإِسلام، فأما الكتاب المبين، فهو القرآن. "زاد المسير" (1/ 529).
فإن أراد ذلك، فهذا توسل ممنوع؛ لأنه لا يشرع التوسل بذات أحد من الخلق، كما تقدم.
والله أعلم.