نحن في ألمانيا من أهل السنة والجماعة مضطرون لصلاة العشاء والفجر في مسجد تابع لفرقة القاديانية اللاهورية؛ بسبب قرب المسجد لبيوتنا، ونحرص أن يكون الإمام منا، علما بأني ناقشت الإمام القادياني اللاهوري، فنفى الاعتقاد بنبوة غلام أحمد، ويعتبره مجددا، ويبرأ إلى الله تعالى ممن يعتقد بنبوة غلام أحمد، فهل هذا جائز لنا؟ أم علينا هجر هذا المسجد، وهجره يعني خرابه، ونحن لا نريد أن ينطبق علينا قول ربنا: (وسعى في خرابها)؟
الحمد لله.
أولا:
بعد موت ميرزا غلام أحمد مؤسس القاديانية والذي كان يدعي النبوة ، انقسمت القاديانية بعده إلى فرقتين :
الأولى : الأحمدية القاديانية ، وعلى رأسها : بشير الدين محمد بن ميرزا غلام أحمد .
وهؤلاء يصرحون بأن غلام أحمد كان نبيا .
والفرقة الثانية :
الأحمدية اللاهورية ، وعلى رأسها محمد على ، أحد أكبر أعوان ميرزا غلام .
وقد اختلف الباحثون في حقيقة اعتقاد "محمد علي": هل كان يعتقد أن غلام أحمد نبي أو مجدد مصلح ؟
والذي اختاره جمع من الباحثين أنه كان يعتقد أنه كان نبيا ، ولكنه أظهر القول بأنه مجدد ليخدع المسلمين ، ويجذبهم إلى طائفته ، ويدفع عنه انتقاد علماء المسلمين في الهند وغيرها له ، وتكفيرهم إياه .
والقاديانيون الأحمديون يلقبونه بالمنافق ، لأنه أظهر خلاف ما يعتقد .
ومحمد علي له كلام صريح في أنه يعتقد أن غلام أحمد كان نبيا .
وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم: (144765).
وعلى هذا ؛ فقول إمام مسجدكم : إنه لا يعتقد بنبوة ميرزا أحمد وأنه يراه مجدد . هذا لا يكفي لإثبات تبرُّئِهِ من هذه الطائفة الخارجة عن الإسلام ، لأن مؤسس هذا الفرع القادياني (وهو محمد علي) كان يقول ذلك ، ويعتقد ما يخالفه ، وإنما يقول هذا لخداع جماهير المسلمين . وهذا هو منهج فرقته.
فالواجب على هذا الإمام – إن كان مسلما- أن يعلن تبرأه من أفكار واعتقادات القاديانيين المخالفة للإسلام كلها ، وهي كثيرة معروفة . وليس من نبوة غلام أحمد فقط .
فمنها : أنهم يصفون الله بصفات البشر ، كالصلاة والصوم والنوم والجماع ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
ومنها : أنه النبوة لم تختتم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
ومنها : أن رفاق غلام أحمد كأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنها : أن قاديان أفضل من مكة والمدينة ، وأرضها حرم ، ويحجون إليها .
ومنها : أنهم يبيحون المحرمات التي أجمع المسلمين على تحريمها كالخمر والمخدرات والأفيون.
"ومحمد علي" مؤسس الفرع اللاهوري له ترجمة للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية حشاها بخرافات وتحريفات القاديانية للقرآن ، فليتبرأ منها هذا الإمام .
فإذا تبرأ من كل ذلك –وكان صادقا- فهو في الحقيقة ليس قاديانيا .
أما أن يكون قاديانيا ومسلما في الوقت ذاته : فهذا غير ممكن .
ثم إن ميرزا غلام أحمد نفسه قد ادعى النبوة ، فكيف يقول هؤلاء عنه : إنه كان مجددا . وهو في الحقيقة كان كذابا دجالا .
فكيف يوصف من يدعي النبوة بأنه مجدد ؟
وهذا المؤسس غلام أحمد : قد ناظره الشيخ أبو الوفاء ثناء الله ، أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند ، وأفحمه وبيَّن كفره وانحراف فرقته ، وباهله على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق ، فلم تمر إلا أيام قليلة حتى هلك غلام أحمد .
وفي باكستان ناقش البرلمان المركزي زعيم الطائفة مرزا ناصر أحمد ، ورد عليه مفتي باكستان وقتها الشيخ محمود رحمه الله ، واستمرت المناقشة نحو ثلاثين ساعة ، وانتهت بالحكم على هذه الطائفة بالكفر ، واعتبارها أقلية غير مسلمة .
ينظر : "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" (1/419- 423) .
والحاصل :
أن على هذا الإمام أن يتبرأ من كل اعتقادات وأفكار القاديانية ، ثم ينظر في حاله وصدقه واستقامته ؛ حتى نثق بإسلامه ، وإلا ... فمجرد انتسابه لهذه الطائفة يشكك في إسلامه ، ومدحه لمؤسسها واعتباره مجددا : يدل على أنه على نحلتهم الكفرية.
ثانيا :
بناء على ما سبق : لا نرى لكم أن تصلوا في هذا المسجد ، لأنه إن حصل وتقدم ذلك الإمام للصلاة فإن الصلاة تكون باطلة .
ولئلا يغتر الناس بصلاة المسلمين فيه، فيصلوا خلف إمام من هذه الفرقة الضالة. وربما استمالوه إلى طائفتهم، فأضلوه، وأهلكوه، والعياذ بالله.
فابحثوا عن مسجد آخر تصلون فيه .
ولستم في هذه الحالة ممن سعى في خراب المسجد ، وإنما من سعى في خرابه في الحقيقة هو من يعتقد اعتقادات تخالف الإسلام ، ولكنكم تسعون لعبادة الله عبادة صحيحة ، وليس معنى تعمير المسجد أن المسلم يصلي وراء كافر .
والله أعلم .