ما حكم اجتماع سداد الدين بعملة مختلفة مع مصارفة الباقي؟

24-03-2024

السؤال 498019

صديق أخى معه ريالات، وكان يحتاج إلى مبلغ من المال على سبيل الدين، فقام أخى بأخذ مبلغ منى، وأعطاه لصديقه، وقام صديق أخى بإعطاء أخى الريالات يحتفظ بها، حتى إذا كان السعر مناسب قام ببيعها، وأراد صديق أخى بيع الريالات، وأخبر اخى أن يبيعها، ويأخذ مبلغ الدين، ويعطيه الباقى، فقمت بمعرفة السعر، وأخذتهم بسعر السوق، وأعطيت أخى المبلغ بعد خصم الدين، وقام أخي بإيصالها إلى صديقه فى نفس اليوم . السؤال هل هذه المعاملة شبهة ربا؟ وإذا كانت كذلك، كيف أبرىء ذمتى أمام الله تعالى؟ الرجاء تفصيل الإجابة.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الذي يظهر من سؤالك أن الدين الذي أخذه صديق أخيك كان بعملتكم المحلية (أي بالجنيه)، وقد باع أخوك لك الريالات، وهي شاملة لدينك وزيادة عليه.

ولا حرج في ذلك، إذا كان البيع قد تم بسعر السوق، إذ ليس للوكيل أن يبيع بأقل من سعر السوق.

وقد اشتملت الصفقة على أمرين: سداد دينك بعملة أخرى، وترك ما بقي من الريالات أمانة في يد صاحبك، ليصرفها لك جنيهات، بعد ذلك.

ولا حرج في هاتين المعاملتين، مجتمعتين أو منفردتين، إذا حصل التقابض بين الريالات والجنيهات في مجلس العقد.

جاء في "المعايير الشرعية" ص 660، معيار اجتماع العقود:

" يجوز اجتماع أكثر من عقد في منظومة واحدة بدون اشتراط عقد في عقد، إذا كان كل واحد منها جائزًا بمفرده، ما لم يكن هناك دليل شرعي مانع؛ فعندئذ يمتنع بخصوصه استثناءً.

ضوابط جواز الجمع بين العقود:

 1 - أن لا يكون ذلك محل نهي في نص شرعي، مثل النهي عن البيع والسلف.

2 - أن لا يكون حيلة ربوية، مثل الاتفاق على بيع العينة، أو التحايل على ربا الفضل.

3 - أن لا يكون ذريعة إلى الربا، مثل الجمع بين القرض والمعاوضة، أو إقراض الغير مالا على أن يسكنه المقترض داره، أو يهدي له هدية، أو على أن يقضيه بزيادة في القدر أو الصفة" انتهى.

 وجاء فيها، ص 670:

" مستند جواز اجتماع أكثر من عقد في معاملة واحدة إذا كان كل واحد منها جائزا بمفرده مالم يكن هناك دليل شرعي حاظر: أن الأصل بمقتضى دلائل نصوص الشريعة وكلياتها العامة حرية التعاقد، ووجوب الوفاء بكل ما يتراضى عليه المتعاقدان ويلتزمان به، ما لم يكن في ذلك تحليل حرام أو تحريم حلال. قال ابن القيم: "والأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه. وهذا القول هو الصحيح".

وقد نص جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على أن الأصل عندهم قياس المجموع على آحاده؛ فحيث انطوت المعاملة على عدة عقود، كل واحد منها جائز بمفرده، فإنه يحكم على المجموع بالجواز.

وبناء على هذا الأصل نص الحنابلة والشافعية في الأصح على صحة الجمع بين عقدين – حتى ولو كانا مختلفي الوضع والحكم - بعوض واحد، كما ذهب ابن تيمية إلى جواز اجتماع عقدين بعوضين متميزين" انتهى.

وقد نص الإمام أحمد على جواز مثل هذه الصورة المذكورة في السؤال.

قال ابن قدامة، رحمه الله: " قال أحمد: ولو كان لرجل على رجل عشرة دراهم، فدفع إليه دينارا، فقال: استوف حقك منه. فاستوفاه بعد يومين، جاز"، انتهى، من "المغني" (6/114).

وقال أيضا: " ولو صارف رجلا دينارا بعشرة دراهم، وليس معه إلا خمسة دراهم، لم يجز أن يتفرقا قبل قبض العشرة كلها.

فإن قبض الخمسة وافترقا: بطل الصرف في نصف الدينار.

وهل يبطل فيما يقابل الخمسة المقبوضة؟

على وجهين، بناء على تفريق الصفقة.

وإن أرادا التخلص، فسخا الصرف في النصف الذى ليس معه عوضه، أو يفسخان العقد كله، ثم يشترى منه نصف الدينار بخمسة، ويدفعها إليه، ثم يأخذ الدينار كله، فيكون ما اشتراه منه له، وما بقى أمانة في يده، ثم يفترقان، ثم إذا صارفه بعد ذلك بالباقي له من الدينار، أو اشترى به منه شيئا، أو جعله سلما في شيء، أو وهبه له: جاز.

وكذلك إن وكله فيه.

ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين، وقال: أنت وكيلي في نصف الدينار الزائد: صح.

ولو صارفه عشرة دراهم بدينار، فأعطاه أكثر من دينار ليزن له حقه في وقت آخر: جاز، وإن طال، ويكون الزائد أمانة في يده، لا شيء عليه في تلفه. نص أحمد على أكثر هذه المسائل" انتهى، من "المغني" (6/ 108).

 ثانيا:

إذا كان الدين بعملة، جاز سداده بعملة أخرى، بسعر يوم السداد، بشرط عدم الاتفاق قبل ذلك على سداده بالعملة الأخرى؛ لأنه يكون حينئذ صرفا مؤجلا، وهو ربا.

والاصل في جواز سداد الدين بعملة أخرى: ما روى أحمد (6239)، وأبو داود (3354)، والنسائي (4582)، والترمذي (1242)، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ.

والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).

قال ابن قدامة، رحمه الله: " ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر، ويكون صرفا بعين وذمة، في قول أكثر أهل العلم" . انتهى، من "المغني" (6/107).

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن قضايا العملة:

" ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد" انتهى من مجلة المجمع عدد 3 جزء 3 ص 1650

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (26/ 366) في صور المصارفة على الذمة: "الصورة الثالثة: اقتضاء أحد النقدين من الآخر، بأن كان لك على آخر دراهم، فتأخذ منه دنانير، أو كانت عليه دنانير فتأخذ منه دراهم بسعر يومها.

وهذا جائز عند الحنفية والحنابلة، وهو مذهب الشافعية في الجديد، بشرط قبض البدل في المجلس. وذلك لحديث ابن عمر." انتهى.

والله أعلم.

معاملات
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب