إذا أردت أن أوتر بعد أن صليت عشر ركعات خلف إمام يصلي ٢٠ ركعة لصلاة التراويح؛ وذلك تكاسلا مني أن أكمل عشرين ركعة، ولأني أود أن أوتر في جماعة. ١- فهل يشرع لي أن أدخل مع الإمام بنية الوتر، وأسلم بعد انتهاء الركعة الأولى؟ ٢- أو أن أبقى جالسا بعد انتهاء الركعة الأولى حتى يجلس الإمام فأسلم معه؟ ٣ - أو هل يشرع لي أن انتظر الإمام حتى يقضى الركعة الأولى، ثم أدخل معه بنية الوتر؟ أم لا شيء من ذلك يجوز، وعلي أن أصلي الوتر منفردا؟
الحمد لله.
أولاً:
الذي ننصح به إتمام الصلاة مع الإمام، إن لم يكن هناك عذر مانع من إتمام الصلاة مع الإمام، كأن تكون لك ارتباط بوظيفة أو عمل لا تتمكن معه من الإتمام مع الإمام، أو نحو ذلك. وذلك أنها ليالي فاضلة، وقد ثبت الأجر العظيم لمن أتم صلاته مع الإمام حتى ينصرف بقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) رواه الترمذي (806)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
قال ابن المنذر رحمه الله: "أوتر معهم ولا أخالفهم، ولا أحب أن أنصرف، ولا أوتر معهم؛ لحديث أبي ذر...: ( إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتبت له بقية ليلته ) انتهى من "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (5/186).
ثانياً:
إذا رغبت أن تكتفي بإحدى عشرة ركعة، فلك أن تصلي الوتر جماعة مع الإمام، وهو يصلي التراويح، وذلك أن اختلاف نية الإمام والمأموم لا تؤثر، على الصحيح من أقول أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فقد ثبت صلاة المتنفل خلف المفترض. في عدة أحاديث وثبت أيضا بالعكس. فعلم أن موافقة الإمام في نية الفرض أو النفل ليست بواجبة والإمام ضامن. وإن كان متنفلا" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/385).
ثالثاً:
إذا أردت أن تصلي الوتر مع الإمام حال صلاته للشفع، فأنت بالخيار، إما أن تدخل معه إذا بقي من صلاته ركعة واحدة، أو تدخل معه من أول الصلاة، ثم تجلس للتشهد وتنتظر حتى يجلس للتشهد وتسلم معه. وإن تشهدت بعد الركعة وسلمت فيجوز، ولكن الأفضل انتظار الإمام والسلام معه.
وهي نظير مسألة من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا لحقت صلاة العشاء من أولها وأنا لم أصل المغرب، فهل عند قيام الإمام للركعة الرابعة للعشاء أبقى جالسا، حيث المغرب ثلاث ركعات والعشاء أربع وتبين لي أن الصلاة للعشاء وأنا لم أصل المغرب، ومتى يجوز الجمع أفيدوني جزاكم الله خيرا؟
فأجاب: أفيدك بأنها تجزئك الركعات الثلاث التي أدركتها مع الإمام من صلاة العشاء عن صلاة المغرب التي فاتتك.
وهكذا من صلى المغرب خلف من يصلي العشاء ودخل معه من أولها فإنه يجلس بعد انتهاء الركعة الثالثة، ولا يتابع الإمام في الرابعة، والأفضل له أن ينتظر الإمام حتى يسلم فإذا سلم الإمام سلم بعده" انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" لابن باز (12/187).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" إذا جاء الإنسان وهو مسافر ودخل مسجد وهم يصلون العشاء فإن أدركهم في الركعة الثانية فلينو المغرب ويسلم مع الإمام لأنه صلى ثلاثاً، وإن أدركهم في الثالثة نوى المغرب وصلى معهم ركعتين ثم إذا سلم الإمام قام إلى الثالثة، وإذا أتاهم في الركعة الأولى دخل معهم بنية المغرب، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس، ونوى المفارقة، وتشهد وسلم، ثم دخل مع الإمام في ما بقي من صلاة العشاء" انتهى من "اللقاء الشهري" (49/ 27 بترقيم الشاملة).
وقال رحمه الله في الأعذار المبيحة للانفراد عن الإمام:
"ومن الأعذار أيضا: أن تكون صلاة المأموم أقل من صلاة الإمام، مثل: أن يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء، على القول بالجواز؛ فإنه في هذه الحال له أن ينفرد ويقرأ التشهد ويسلم وينصرف، أو يدخل مع الإمام إذا كان يريد أن يجمع مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، ثم يتم بعد سلامه.
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو
الحق" انتهى من "الشرح الممتع" (2/312).
وخير من ذلك كله: أن تتم مع الإمام هاتين الركعتين، ثم تقوم إذا سلم، فتأتي بثالثة، فتكون لك وترا.
والسنة في الوتر بثلاث متصلات: ألا يجلس المرء للتشهد فيهن، لكنه جلس هنا متابعة لإمامه.
والوتر بثلاث بعد عشر ركعات قبل ذلك: حسن أيضا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العدد أيضا؛ يعني: أنه بلغ بصلاته من الليل ثلاث عشرة ركعة.
وهذا كله على تقدير أنه لم يكن عندك إمام يصلي بإحدى عشرة ركعة. فإن كان، فصل معه، وأتم معه الصلاة حتى ينصرف، لتنال الأجر الوارد في متابعة الإمام حتى ينصرف، ولئلا تختلف على إمامك.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (274276 )، ورقم: (165761 )، ورقم: (276710 ).
والله أعلم.