الحمد لله.
أولا:
"جمعية الموظفين: أن يتفق عدد من الموظفين يعملون في الغالب في جهة واحدة، مدرسة أو دائرة أو غيرهما، على أن يدفع كل واحد منهم مبلغا من المال مساويًا في العدد لما يدفعه الآخرون، وذلك عند نهاية كل شهر، ثم يدفع المبلغ كله لواحد منهم، وفي الشهر الثاني يدفع لآخر، وهكذا حتى يتسلم كل واحد منهم مثل ما تسلمه من قبله، سواء بسواء دون زيادة أو نقص" انتهى من "المعاملات المالية"، للشيخ أبو عمر الدبيان (18/ 235 - 247).
ولا حرج في هذه الجمعية، وقد أجازها أكثر أهل العلم من المعاصرين، وبينوا أنها لا تدخل في "بيعتين في بيعة"، ولا في القرض الربوي.
بل نص جماعة من الشافعية على جوازها.
قال القليوبي رحمه الله في حاشيته (2/ 258): "الجَمْعَة المشهورة بين النساء، بأن تأخذ امرأة من واحدةٍ من جماعة منهن، قدراً معيناً في كل جُمعة أو شهر، وتدفعه لواحدة بعد واحدة إلى آخرهن: جائزة، كما قاله الولي العراقي" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم: (130147).
ثانيا:
لا حرج في أن يتفاوت المشتركون فيما يدفعون، بأن يدفع أحدهم 100، ويدفع آخر 200 أو 500ـ وذلك بأن يأخذ المشترك أكثر من دور، كأن يكون سهم الجمعية شهريا 100، فمن أراد أزيد من ذلك شارك بسهمين، فيستلم الجمعية مرتين، سواء أخذها على التوالي، كالأول والثاني، أو أخذها متفرقة، كالأول والخامس.
وكيفما تم الاتفاق على طريقة الأخذ والتوزيع: فلا حرج؛ فإن المشترك لن يأخذ أكثر مما دفع.
وترتيب الأدوار يكون بالتراضي، فإن حصل تشاحّ، استعملت القرعة.
ثالثا:
إذا اشتُرط استمرار الجمعية أكثر من دورة، كدورتين أو ثلاث أو أكثر حسب الاتفاق، فقد اختلف القائلون بجواز الجمعية في هذه الصورة، فمنهم من منعها؛ لأنها تتضمن أن يشترط المقرض على من سيقرضهم في الدورة الأولى أن يقرضوه في الدورة الثانية، فترجع المسألة إلى مسألة: أقرضك بشرط أن تقرضني، وبعضهم يطلق عليها: أسلفني وأسلفك، وهذا محرم عند الجمهور، من المالكية والشافعية، والحنابلة.
وإلى هذا ذهب الدكتور عبد الله العمراني في كتابه "المنفعة في القرض" ص 570
ومنهم من أجاز هذه الصورة، كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله، كما ذكر الدكتور خالد المشيقح في "المعاملات المالية المعاصرة" (1/ 36) نسخة الكترونية على الإنترنت.
قال الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين حفظه الله: " وذهب بعض أهل العلم إلى جواز هذه الصورة ومنهم شيخنا محمد بن صالح بن عثيمين، وشيخنا عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.
قالوا: لأن الشرط المحرم في القرض هو ما فيه زيادة، وهو غير موجود في هذه الصورة؛ لأنه ليس فيها زيادة، وإنما فيها اشتراط منفعة للمُقْرِض مساوية للمنفعة التي حصل عليها المستقرض، فهو قرض مقابل قرض" انتهى من بحث "جمعية الموظفين" ضمن مجلة البحوث الإسلامية (43/ 283).
والراجح جواز هذه الصورة، وأنه لا فرق بينها وبين الصورة الأولى الخالية من هذا الشرط.
والله أعلم.