قطعة أرض معروضة للبيع و أنا وسيط مباشر للمالك و عرض عليا أحد الوسطاء مبلغ معين للشراء ثم حدثني طرف آخر كان قد عرض رقم أقل منذ فترة بسيطة فأبلغته أن هناك عرض سعر أفضل من طرف فلان فذهب قليلاً ثم عاد بعرض سعر أزيد من الطرف الأول فهل هذا يعتبر بيع على بيعة أخيه علما بأن كل هذا كلام وسطاء لم يتم كتابة أي عقود به
و من مصلحة المالك البيع لاعلى سعر طبعاً و هل أنا مطالب بإعادة إبلاغ الطرف الأول بعرض السعر الثاني
الحمد لله.
أولا:
لا حرج عليك في عرض الأرض على وسيط آخر وإبلاغه بسعر الوسطاء؛ لأنه لم يتم بيع، ولا تراضيتم على ثمن.
والممنوع هو بيع الأخ على أخيه، أو سومه على سومه، يعني: بعد استقرار الثمن والرضى الصريح به، فإذا لم يحصل رضى صريح، فلا حرج أن تعرض الأرض على أكثر من مشتر أو وسيط، ولا حرج أن تخبرهم بالسعر الذي وصلت إليه.
روى البخاري (2139) ومسلم (1412) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ.
وروى مسلم (1408) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ .
قال النووي رحمه الله: " أما البيع على بيع أخيه، فمثاله: أن يقول لمن اشترى شيئا في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أجود منه، بثمنه، ونحو ذلك.
وهذا حرام؛ يحرم أيضا الشراء على شراء أخيه، وهو أن يقول للبائع في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، ونحو هذا.
وأما السوم على سوم أخيه: فهو أن يكون قد اتفق مالك السلعة، والراغب فيها، على البيع، ولم يعقداه، فيقول الآخر للبائع: أنا أشتريه. وهذا حرام بعد استقرار الثمن" انتهى من شرح مسلم (10/ 158).
وقال في شرح منتهى الإرادات (2/ 23): " (وسومٌ على سومه)، أي المسلم، (مع الرضا) من بائع، (صريحا: محرم)؛ لحديث أبي هريرة مرفوعا: " لا يسم الرجل على سوم أخيه رواه مسلم. فإن لم يصرح بالرضا: لم يَحْرُم؛ لأن المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة" انتهى.
ثانيا:
ينبغي أن تعود فتخبر الوسيط الأول بالسعر الذي وصلت إليه، فربما زاد عليه، وفي ذلك مصلحة للمالك، والوكيل -وهو أنت- يعمل لمصلحة موكِّله، ويستقصي له، وهذا من أداء الأمانة، سواء كان وكيلا مجانا أو بأجرة، وفيه أيضا مراعاة لخاطر الوسيط الأول؛ وعدم إخباره معيب في عرف السماسرة، فإن زاد في الثمن، فلك أن تعرض الأرض على وسيط ثالث وأكثر حتى تصل إلى أعلى سعر، فإن غلب على ظنك أنه لا أكثر مما عرض، فلك البيع له.
وقد ذكر أهل العلم أن الدلال يُلزم أن يبيع بأعلى سعر، وإلا منع من الدلالة.
قال ابن الأخوة القرشي رحمه الله في "معالم القربة في طلب الحسبة" ص 153: "يؤخذ على دلالي العقارات، ويُستحلفوا؛ ألا يبيعوا ما يظن به أنه خرج عن يد صاحبه بكتابة تحبيس أو كتابة إقرار أو رهن ولا شبهة، ولا لصبي ولا ليتيم إلا بإذن وصيه، ولا يأخذ الجعل إلا من البائع لا غير، ولا يعدل عن من زاد في الثمن شيئا من ذلك إلى أنقص منه، لعلة من العلل.
فمن خالف هذا، صُرف من جملة الدلالين" انتهى.
والله أعلم.