لدي استفسار يتعلق بغسل الجنابة الكامل الذي كان يغتسله الرسول صلى الله عليه وسلم
في البداية انا انوي رفع الحدثين الاكبر والاصغر
ثم اقوم بغسل يدي ثم فرجي ثم اتوضأ وضوءا كاملا مثل وضوء الصلاة ثم اغسل شعري واعمم جسدي بالماء
هل يجب عند تعميم بدني بالماء أن أعيد المضمضة والاستنشاق واغسل بقية اعضاء الوضوء مثل الوجه والرجلين مرة اخرى أم تكفي المضمضة والاستنشاق وغسل باقي الاعضاء في الوضوء الذي يسبق التعميم ويرتفع به الحدثان أو بمعنى اخر هل الوضوء الذي يكون بداخل الغسل يكفي لرفع الحدثين عن اعضائه أم لا
كذلك نفس الأمر عند غسل الفرج هل يكفي غسله مرة واحدة التي تكون فالبداية أم يجب اعادة الذي فعلته عند تعميم البدن
الحمد لله.
أولا:
صفة الغسل الكامل التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أنّ غسل الفرج والمضمضة والاستنشاق يكون في البداية مرة واحدة؛ لأنها عبادة واحدة. ولا يجب عليك إعادتها، لأنها قد حصلت في بداية الغسل، والغسل عباده واحدة.
فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ” رواه ابن ماجه (579) وصححه الالباني.
وقد سبق في الموقع بيان الصفة الكاملة المسنونة في الغسل (83172).
ثانياً:
نية الغسل من الجنابة تكفي، ولا حاجة لنية رفع الحدثين؛ لأنّ الطهارة الصغرى تدخل في الكبرى. فإن نويتهما جميعا: فلا بأس.
قال الماوردي رحمه الله:
” كَيْفِيَّةُ النِّيَّةِ: هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ أَحَدَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إِمَّا رَفْعَ الْحَدَثِ ، أَوِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ ، أَوِ الطَّهَارَةَ لِفِعْلِ مَا لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ” انتهى من “الحاوي الكبير” (1/94).
وقال أبو بكر بن العربي: “إنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل، وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث، وتقضي عليها، لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث، فدخل الأقل في نية الأكثر، وأجزأت نية الأكثر عنه” انتهى من “تحفة الأحوذي” (1/ 304).
وجاء في ” الموسوعة الفقهية: (31/207):
“ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ فَرْضٌ فِي الْغُسْل، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا الأْعْمَال بِالنِّيَّاتِ).
وَيَكْفِي فِيهَا: نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الأْكْبَرِ، أَوِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلاَةِ وَنَحْوِهَا” انتهى.
وقد أرشد الله الجنب إلى الغسل فقط ليستحل العبادة، ولو لم يغتسل على الطريقة المسنونة، لكنه أتى بما يجب عليه من تعميم بدنه كله بالماء، مع نية رفع الحدث= فإن ذلك يكفيه، ويرتفع به حدثه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“الغسل للجنابة يكفي عن الوضوء لقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] ولم يذكر وضوءاً.
أما إذا كان اغتسل للتبرد أو لغسل الجمعة، أو لغسل مستحب فإنه لا يجزئه؛ لأن غسله ليس عن حدث.
والقاعدة إذاً: إذا كان الغسل عن حدث -أي: عن جنابة- أو امرأة عن حيض: أجزأ عن الوضوء. وإلا، فإنه لا يجزئ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (109/ 20 بترقيم الشاملة).
أما إذا انتقض وضوءه أثناء الغسل بناقض، فإن الغسل صحيح، لكن عليه أن يتوضأ بعد الغسل
والله أعلم .