هل يجوز أخذ أرباح كبيرة على برامج لا تأخذ جهدا ووقتا؟

30-07-2024

السؤال 518441

عندي فرصة لعمل أنظمة على الكمبيوتر للشركات والمكاتب، تسهل عليهم المهام البسيطة والسهلة والروتينية، مثل: تنظيم المواعيد، والرد على الاستفسارات، وأخذ أراء العملاء، و ملء البيانات، والتي كانت تحتاج إلى موظف لعملها، ولكن يمكن للكمبيوتر أن يقوم بها، وهذه الأنظمة ليست معقدة على الإطلاق، بل هي سهلة، وبسيطة جدا، ولا تأخذ مني وقتا، إلا يوما أو يومين على الأكثر، وهي موجودة و متاحة على الانترنت باشتراك بسيط، أنا فقط أقوم بإعدادها، وتشغيلها، وتخصيصها على حسب الشركة أو المستخدم، وتحديد المهام المطلوبة، ولكن هي ليست معروفة ومنتشرة، ولذلك الشركات تستعين بموظفين لأداء المهام، وهذه الأنظمة ستوفر على صاحب العمل الكثير من المال والوقت، وتجعله يركز على المهام الصعبة، وأرى كثيرا ممن يقومون بإعداد هذه الخدمات والأنظمة يطلبون مبالغ كبيرة؛ بحجه أنه سيوفر لصاحب العمل المال والوقت، ولا يستعين بموظف مختص، وربما يصل المبلغ أو يزيد عن راتب شهر من الموظف الذي كان يقوم بالمهام، وأحيانا تصل المبالغ إلى مئات وآلاف الدولارات على حسب الشركة. فهل لي أن أحصل على مبلغ مالي مقابل إعداد هذه الأنظمة؟ وهل يعتبر المال حراما أو به شبه حرام، أو خداع، أو نصب؛ لأن العمل الذي أقوم به عمل بسيط، وسهل، ولا يأخذ وقتا، والمقابل كبير، وهي خدمة متاحة على الإنترنت باشتراك شهري، وتحتاج فقط للإعداد والتجهيز، في حين أني أتقاضى عليه مبالغ ضخمة؟ و كيف أحدد السعر المناسب للخدمة، بحيث لا يكون مبالغ فيه؟ أنا محتار، وأرجو المساعدة لكي لا أدخل في شبه المال الحرام، فهل يعتبر المال حراما بما أن العمل سهل، ولا يأخذ وقتا، خصوصا أنها خدمة متاحة على الإنترنت، وأنا أتقاضى المال على إعدادها، و تخصيصها فقط، فهل هذا المال حرام لأو به شبهة؟

الجواب

الحمد لله.

العمل الذي تقوم جائز، وذلك أنّ ما تأخذه مقابل خبرتك ومعرفتك، ومعلوم أنّ أجرة أصحاب الخبرة عالية بغض النظر عن الوقت الذي بذلوه مقابل العمل.

فالخبرة هي القيمة المعلوماتية والعملية للشخص في مجال تخصصه، وكلما زادت خبرته زادت أجرته، فالخبرة لها ثمن وقيمة .

وهذا هو العرف العام في كل المهن والصناعات. أنّ صاحب الخبرة يأخذ أضعاف غيره بوقت وجهد أقل. فما تقوم به من إعداد لهذه البرامج مقابل مبلغ تتفقون عليه ليس فيه شبهة.

وكون المبلغ الذي تتقاضاه مقابل هذه العمل كبيرا فلا حرج فيه، فليس هناك حد للربح، مالم يكن فيه مبالغة عن سعر المثل في السوق، أو إجحاف بمن لا يعرفون أسعار السوق أو لديهم غفلة في باب المبايعة السوق.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"لا حد للربح؛ لعموم قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) وعموم قوله تعالى: (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)

لأنّ الزيادة والنقص خاضعان للعرض والطلب، فقد يكون الطلب شديداً على هذه السلعة فترتفع قيمتها، وقد يكون ضعيفاً فتنخفض، ومن المعلوم أنه قد يشتري الإنسان الشيء بمائة ثم تزيد الأسعار فجأة، فيبيعها في اليوم الثاني، أو بعد مدةٍ طويلة بمائتين أو بثلاثمائة أو أكثر.

فمتى رضي المشتري بالثمن واشترى به، فهو جائز، ولو كان ربح البائع فيه كثيراً. 

اللهم إلا أن يكون المشتري ممن لا يعرفون الأسعار غريراً بالقِيَم والأثمان، فلا يجوز للبائع أن يخدعه ويبيع عليه بأكثر من ثمن السوق" انتهى بتصرف يسير من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (16/ 2 بترقيم الشاملة).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" أيضاً:

" ليست الأرباح في التجارة محدودة، بل تتبع أحوال العرض والطلب ، كثرة وقلة.

لكن يستحسن للمسلم تاجراً أو غيره أن يكون سهلاً سمحاً في بيعه وشرائه ، وألا ينتهز فرصة غفلة صاحبه ، فيغبنه في البيع أو الشراء ، بل يراعي حقوق الأُخوّة الإسلامية " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/91).

ومع أنّ مقدار الربح لا حد له على الصحيح كما سبق، إلا أنّ السماحة في البيع والشراء مما حثت عليه الشريعة ورغبت فيه.

ففي الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى) رواه البخاري (1970).

قال ابن حجر رحمه الله:

"‌وفي الحديث ‌الحض ‌على ‌السماحة ‌في ‌المعاملة ‌واستعمال ‌معالي ‌الأخلاق ‌وترك ‌المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم" انتهى من "فتح الباري" (4/ 307).

ولمزيد من الفائدة ننصح بمراجعة هاتين الفتويين في الموقع: (47889) و (134621).

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب