ما حكم قول \”الله يقرفك\”؟
الحمد لله.
العبارات التي تقولها العامة تُحمل على ما يقصدونه ويعنونه منها، وإن كانت محتملة لمعانٍ عدة.
جاء في “موسوعة القواعد الفقهية”: “المتكلّم والمتلفّظ بالألفاظ له من وراء لفظه وكلامه مقاصد ونيّات يرجوها ويريدها، فلذلك فإنّ مقاصد اللفظ وما يراد به إنّما يعتدّ بها ويعتمد فيها على نيَّة المتكلّم.
وقد يكون ظاهر اللفظ غير مراد للمتكلّم فيعمل بنيَّته وقصده من لفظه” انتهى من “موسوعة القواعد الفقهية” (10/ 804).
وهذه العبارة تقولها العامة لمن صنع لهم أمراً يتقززون منه ويكرهونه، فيدعون عليه بأن يكافئه الله بأن يجعل له ما يتقزز منه ويكرهه. فالدعاء بقولهم (الله يقرفك) على من آذاهم بما يقرفون منه من باب المكافأة بالمثل.
جاء في “تكملة المعاجم العربية” (8/ 240):
“قرف (مضارعه يقرف): نفر من، كره، اشمأز، تقزز. والعامة تستعمل القرف بمعنى التقزز من الشيء أو نفور النفس منه”
وجاء في “معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية” (5/ 114):
“قرف: فلان قرف: أي تقززت نفسه، أصله مما يسيل من الأنف…وهو التقزز وغثيان النفس”.
وهذا الدعاء: إن كان بحق فهو من باب ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [الشورى: 40].
والأكمل لإيمان المرء العفو والصفح كما ذكر الله في الآية الكريمة، أن يبتعد عن هذه الدعوات على إخوانه ويحفظ لسانه عن الألفاظ التي لا تليق، وأن يدعو لأخيه بالهداية والصلاح إن بدر منه ما لا يليق، وفي الحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ، وَلَا الطَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ رواه أحمد (3948) وصححه أحمد شاكر.
أما حمل هذه العبارة (الله يقرفك) على أنّ فيها نسبة فعل القرف إلى الله: فتكلف، وليس هو مراد العامة بقولهم، ولا يخطر مثل ذلك في أذهانهم البتة.
والحاصل:
أن عبارة: “الله يقرفك”: لا مدخل له في البحث العقدي، ولا هي من نسبة النقص إلى الله جل جلاله.
وإنما يحكم عليه بميزان الأدب، وما ندبنا الشرع إليه من اتقاء السب واللعن، وفحش القول.
والله أعلم.