الحمد لله.
ـ من الغريب العجيب أن في بعض البلدان يكون المهر من الزوجة أو أهلها ويدفع المهر إلى الزوج أو أهله ، وهذا خلاف الأصل حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر الرجل المتزوج أن يلتمس مهراً ولو خاتماً من حديد فلما لم يجد جعل مهرها أن يعلمها مما يحفظه من القرآن .
والمهم أن يكون في مسمى العقد شيء من المهر على الزوج ولو قليلاً .
عن سهل بن سعد قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني وهبت منك نفسي فقامت طويلا فقال رجل : زوِّجْنيها إن لم تكن لك بها حاجة ، قال : هل عندك من شيء تصدقها ؟ قال : ما عندي إلا إزاري ، فقال : إن أعطيتَها إياه جلستَ لا إزار لك ، فالتمس شيئاً ، فقال : ما أجد شيئاً ، فقال : التمس ولو خاتَماً مِن حديد ، فلم يجد ، فقال : أمَعَكَ من القرآن شيء ؟ قال : نعم ، سورة كذا وسورة كذا - لِسُورٍ سمَّاها - فقال : زوَّجناكها بما معك من القرآن . رواه البخاري ( 4842 ) ومسلم ( 1425 ) .
فالحديث فيه دلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرض للرجل أن يتزوج إلا بمهر يدفعه للمرأة ولم يسأل المرأة شيئاً .
ثم إن من مفهوم القوامة التي أوجبها الله تعالى للرجال على النساء أن يكون الرجل هو الذي يدفع للمرأة لأنه هو معيلها وهي ضعيفة عنده .
قال الله تعالى : الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا مِن أموالهم . . . النساء / 34 .
ثم إن المهر حق للمرأة لأن الرجل يستمتع بها والمهر هو بدل الاستمتاع .
قال الله تعالى : . . . فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة . . . النساء/24 .
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
( وقوله تعالى : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة أي : كما تستمتعون بهن فآتوهن مهورهن في مقابلة ذلك كما قال تعالى : وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ، وكقوله تعالى وآتوا النساء صدُقاتهنَّ نِحلة ، وكقوله ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً . " تفسير ابن كثير " ( 1 / 475 ) .
عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " . رواه الترمذي ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) . قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن .
فمن هذا يتبين أن المهر يكون من الرجل للمرأة لا من المرأة للرجل .
قال الشيخ عبد الله بن قعود : " المهر حقٌ للزوجة ويجب أن يُسمى ولا يجب على الزوجة أو أهلها شيء إلا أن يتطوعوا " .
وبناءً عليه لا يجوز لكم أن تأخذوا من مال الولد لتدفعوه مهراً للبنت ، قال الشيخ البراك : " إذا كان لا يجوز للولد أن يأخذ المبلغ أصلاً فلا يجوز أخذه للبنت " .
وإذا اتقيتم الله فسيجعل الله لابنتكم فرجاً ومخرجا ، فعليها أن تصبر وتحتسب ، وتلح على الله بالدعاء ، والله عند حسن ظن العبد .
وينبغي على علماء بلدكم ووجهائها وعامة الناس العمل على تغيير هذه العادة السيئة واتباع السنة ، والصواب الذي لا يجوز مخالفته ، وذلك بإقامة الحجة على الناس من القرآن والسُنَّة وأقوال العلماء .
والله أعلم .