هل إذا جامع الرجل زوجته بعد الزواج في الدُّبُر قبل أن يجامعها في الفَّرج، وطلَّقها قبل أن يجامعها في الفَرج عليها أن تعتدّ؟ هل ذلك يعتبر إتماما للزواج؟
الحمد لله.
أولاً:
يحرم على الرجل أن يجامع امرأته في دبرها، ويحرم عليها أن تمكنه من ذلك.
وقد سبق بيان ذلك وحكمه مفصلاً في إجابات سابقة في الموقع يحسن الرجوع إليها: (1103)، (132370).
ثانياً:
مع حرمة إتيان الزوجة في دبرها إلا أنه تترتب عليه آثار شرعية، منها: وجوب الغسل، وجوب المهر، وتحريم المصاهرة، ووجوب العدة على المرأة إذا جامعها زوجها في الدبر، ولو لم يجامعها في القُبل، وهذا متقرر عند جماهير أهل العلم.
قال ابن جزي رحمه الله:
“الإتيان في الدبر: فإنه حرام …
ثم إنه في معنى الوطء، في كثير من الأحكام، كإفساد العبادات، ووجوب الغسل من الجانبين، ووجوب الكفارة، والحد، ووجوب العدة، والمصاهرة” انتهى من “القوانين الفقهية” (ص141).
وقال خليل رحمه الله:
“وَالإِتْيَانُ في الدُّبُرِ: كَالْوَطْءِ؛ فِي إِفْسَادِ الْعِبَادَاتِ، ووُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، والْكَفَّارَةِ، والْحَدِّ، ووُجُوبِ الْعِدَّةِ، وحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ” انتهى من “التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب” (4/ 9).
وقال الماوردي رحمه الله:
“الأحكام التي تتعلق بالوطء ثلاثة أضرب….
الضرب الثاني: يستوي فيه الوطء في القبل، والوطء في الدبر، وهي سبعة أحكام:
أحدها: وجوب الغسل بالإيلاج عليهما.
والثاني: وجوب الحد بالزنا في القبل والدبر جميعا.
والثالث: كمال المهر ووجوبه بالشبهة، كوجوبه بالوطء في القبل.
والرابع: وجوب العدة منه، كوجوبها بالوطء في القبل.
والخامس: تحريم المصاهرة، ويثبت به كثبوته بالوطء في القبل.
والسادس: فساد العبادات من الحج، والصيام، والاعتكاف يتعلق به، كتعلقها بالوطء في القبل.
والسابع: وجوب الكفارة بإفساد الحج والصيام يتعلق به كتعلقها بالوطء في القبل”. انتهى من “الحاوي الكبير” (9/ 320).
وقال الجويني رحمه الله:
“وقال الأصحاب: يتعلق بالإتيان في هذا المأتى: وجوب العدة، والمصاهرة” انتهى من “نهاية المطلب في دراية المذهب” (12/ 394):
وقال ابن قدامة رحمه الله:
” فإن وطئ زوجته في دبرها، فلا حد عليه؛ لأن له في ذلك شبهة، ويُعَزَّر؛ لفعله المحرم، وعليهما الغسل؛ لأنه إيلاج فرج في فرج، وحكمه حكم الوطء في القبل في إفساد العبادات، وتقرير المهر، ووجوب العدة” انتهى من “المغني” لابن قدامة (10/ 228).
والحاصل:
أنّ الوطء في الدبر، مع حرمته، يشارك الوطء الحلال في القبل، في كثير من الأحكام؛ ومنها: وجوب العدة.
والله أعلم.